فصل [في تعليق الطلاق]
وقال فيمن ابن القاسم قال: إن دخلت هذه الدار أو أكلت أو شربت أو لبست أو قمت أو قعدت أو ركبت فأنت طالق، إنها أيمان.
قال الشيخ -رحمه الله-: هي أيمان كما قال، والحكم فيها مختلف، فأما قوله: إن دخلت الدار فهي يمين لا يحنث إلا بالدخول، وأما قوله: إن أكلت أو شربت ولم يضرب أجلا، فإنه يحنث الآن; لأنه لا يصح أن لا تأكل ولا تشرب، وكذلك إذا ضرب أجلا لا يمكنه الصبر إليه، وإن كان مما يمكن الصبر إليه لم يحنث، وكذلك يمينه: إن لبست أو قمت أو قعدت يحنث إذا لم يضرب أجلا، [ ص: 2601 ] أو ضرب أجلا لا يمكنه الصبر إليه، وأما قوله: إن ركبت فكقوله: إن دخلت الدار.
واختلف إذا قال: إذا حضت فأنت طالق، فقال مالك يلزمه الطلاق مكانه حين تكلم بذلك، فأوقع الطلاق بنفس اللفظ من غير حكم. وابن القاسم:
وقال في كتاب أشهب محمد: لا شيء عليه حتى تحيض، وهو قول المخزومي وابن وهب وابن عبد الحكم. وقيل في هذا الأصل: لا يقع عليه الحنث بنفس اللفظ إلا أن يرفع ذلك إلى حاكم فيحكم عليه بالطلاق، وهو أحسن; لأنه أمر مختلف فيه، والحكم يرفع الاختلاف، وقد اختلف أهل العلم في هل يعجل؟ الطلاق إلى أجل
واختلف عن فيمن حلف الطلاق بالحيض، وإن كانت يائسة أو شابة وهي ممن لا ترى حيضا لم يعجل الطلاق على حال. مالك
واختلف إذا قال: أنت طالق كلما حضت حيضة، فقال هي طالق الساعة ثلاثا. ابن القاسم:
وقال يقع عليها طلقتان; لأنه طلق بأول الحيضة فهو يتعجل الآن، وهي طاهر، ثم تعتد بأول حيضة، وتعجل الطلقة الثانية أيضا، وتسقط الثالثة لأنها بأول ما ترى من الدم بائن، فإنما أوقعها على غير زوجة، قال: ولو [ ص: 2602 ] قال: أنت طالق لأول حيضة، فإذا حاضت الثالثة لزمه طلقة؛ لأنها بأول رؤية الدم الثالث بائن. سحنون:
وقال في كتاب مالك محمد: إذا لا شيء عليه حتى تحيض فيقع عليها طلقة ويرتجع، فإذا حاضت الثانية وقعت الثانية وارتجع، وإذا حاضت الثالثة بانت، ولو لم يرتجع لم يقع عليه سوى تطليقتين. قال: أنت طالق كلما حضت حيضة
واختلف إذا فقال قال: أنت طالق كلما جاء شهر أو سنة، هي طالق ثلاثا ساعة تكلم بذلك. ابن القاسم:
وقال عبد الملك لا يقع عليه إلا ما كانت فيه في العدة، فإن قال وهي في شعبان: أنت طالق كلما جاء شهر. كان قد علق الأولى باستهلال رمضان، والثانية: باستهلال شوال، والثالثة: باستهلال ذي القعدة، فتعجل الآن الطلقة الأولى، فإن انقضت العدة، قبل أن يستهل شوال لزمه طلقة، وإن لم تنقض العدة حتى استهل شوال لزمه طلقتان، وإن تأخرت إلى ذي القعدة لزمه الثلاث، وإن ارتجعها في رمضان ويقف عنها حتى ينظر ما كان يقع عليه من الطلاق لو لم يرتجع، فإن حاضت الثالثة قبل استهلال شوال صحت رجعته على طلقة مضت، وإن حاضت الثالثة في شوال صحت رجعته على طلقتين مضتا، وإن حاضت الثالثة في ذي القعدة لم تصح رجعته. [ ص: 2603 ] وسحنون:
وقال في المبسوط: إذا عبد الملك وقع عليه الآن طلقة، وينتظر إلى سنتين، فإن بقيت عدتها وقعت الثانية، وأما ما وراء الخمس فإنه طلق غير زوجة، ولو ارتجعها من ساعته كان له أن يصيبها؛ لأنها رجعة مستقيمة من طلقة أو اثنتين، قال: ولو قال: أنت طالق الساعة، وطالق إلى سنة، وطالق إلى أربع. فإنها تطلق الآن واحدة، وينتظر عند السنين، فإن ارتجع لم يصب لعل عدتها أن تمتد إلى أربع سنين، فتقع الثالثة، ولكن يرتجع لعل العدة تنقضي قبل السنين، وتحبس زوجته عليه رجعتها، فإن قامت عليه ضرب له أجل الإيلاء، فإن انقضت عدتها إلى ذلك فهي زوجة، وإلا طلق عليه بالإيلاء; لأنه لا يقدر على أن يفي; لأنه لا يدري لعلها تحرم بالثلاث، ولو قال: أنت طالق كلما حاضت فلانة "لامرأته الأخرى"، لزمه الثلاث، ولا يراعى ها هنا عدة، بخلاف أن يعلق الطلاق بحيض زوجته، وإن قال لزوجته وهي حائض: أنت طالق إذا طهرت، وقع عليه الطلاق الآن؛ لأن الطهر لا بد منه، وإن لم ينقطع الدم وصارت مستحاضة كانت طاهرا، وقال قال أنت طالق إلى شهر، وأنت طالق إلى سنتين، وأنت طالق إلى ست سنين. لا يعجل بالطلاق حتى تطهر. والأول أحسن. [ ص: 2604 ] أشهب: