فصل [فيمن قال لامرأته: أنت طالق، ثلاث مرات]
وإذا هي ثلاث إلا أن ينوي واحدة. قال: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق،
واختلف إذا قال: أنت طالق، وأنت طالق، وأنت طالق، هل ينوى إن قال: أردت واحدة؟ فقال فيها إشكال، ووقف فيها، وقال مالك: لا ينوى، وأرى أنه لا يعطف الشيء على نفسه، وأرى أن ينوى إذا أتى مستفتيا، وليس قبح ذلك في أنه لا يعطف الشيء على نفسه مما يوجب عليه طلاقا; لأنه لم ينوه; لأنه يقول: نويت بالثانية والثالثة الأولى، وألا يكون ثانية ولا ثالثة، فهو طلاق بغير نية، وقد ذكر ابن القاسم: فيمن قال: قد سرحتك، وقد سرحتك، وقد سرحتك- قولين: ابن شعبان
أحدهما: أنها طالق ثلاثا.
والثاني: أن القول قوله إن قال: أردت بالثاني تأخير الأول، ويحلف على ذلك، وهو إقراره، فقوله الأول: سرحتك إيقاع الطلاق، ثم قبل قوله في الثاني والثالث أنه لم يرد إحداث طلاق، وكذلك هو ثلاث، فإن قال: أردت بالثاني والثالث التأكيد- قبل قوله، [ ص: 2618 ] وكذلك قوله: أنت طالق، وأنت طالق، وأنت طالق; لأن طالقا لفظ يراد به إيقاع الطلاق، ويراد به الإخبار عن الماضي، كما قال في الذي طلق زوجته فقيل له: ما صنعت؟ فقال: هي طالق، وقال: أردت الإخبار عما كنت فعلت- إنه يصدق، وقد تقدم القول أن طالقا ليس باسم للفاعل، وإنما يراد به النسبة أنها ذات طلاق، وإذا قال: لم أرد بالثاني والثالث الطلاق- لم يكن عليه شيء، وإن قال: أنت طالق فأنت طالق، فأنت طالق- بانت بالثلاث. ولو قال: أردت بالثنتين توكيد الأول، ولا بينة عليه، لرأيت أن يصدق الوجه الذي تقدم أنه لفظ بغير نية، وانظر قوله عز وجل: قوله: طلقتك وطلقتك وطلقتك، حتى إذا لقيا غلاما فقتله [الكهف: 74] هل جاءت الفاء ها هنا لمعنى أو زائدة; لأنها لو سقطت لكان الكلام مستقلا بنفسه؟