باب فيمن قال لزوجته: أنت علي كالميتة، أو حبلك على غاربك، أو قال: أنت خلية أو برية أو ما أشبه ذلك
وقال فيمن مالك هي البتة وإن لم ينو به طلاقا. قال الشيخ -رحمه الله-: أنت علي حرام فقط، أو أنت علي حرام كالميتة سواء، كل ذلك تحريم، ويجري فيه من الخلاف ما تقدم في قوله: أنت علي حرام. قال لزوجته: أنت علي كالميتة أو كالدم أو كلحم الخنزير،
واختلف إذا قال: أنت خلية، أو وهبتك نفسك، أو برية، أو بائن، أو حبلك على غاربك، أو وهبتك إلى أهلك، أو رددتك إلى أهلك، أو وهبتك نفسك، أو وهبت لك نفسك، فقيل: يلزمه في أي هذه الألفاظ الثلاث، وينوى إن قال: أردت واحدة قبل الدخول ولا ينوى بعد، وهذا هو المشهور من قول وأصحابه، وقيل محمله في التي لم يدخل بها على الواحدة، وهو قول مالك أبي مصعب ومحمد بن عبد الحكم في الحرام، وقول ربيعة في الخلية والبرية والبائنة، ويلزم على قولهم مثل ذلك إذا قال: وهبتك إلى أهلك أو رددتك لأهلك أو لنفسك ألا يلزم قبل الدخول مع عدم النية إلا واحدة إلا في التي قال: أنت علي كالميتة، فعلى قول وعبد الملك يلزمه قبل الدخول ثلاثة ولا ينوى، وفي مسألتين إذا قال البتة فقال عبد الملك: لا ينوى قبل الدخول، [ ص: 2745 ] وقال مالك: ينوى. أبو الحسن ابن القصار:
وفي قوله حبلك على غاربك فقال في المدونة: لا ينوى; لأن هذا لا يقوله أحد وقد أبقى من الطلاق شيئا. وهذا يقتضي ألا ينوى قبل ولا بعد، وفي كتاب محمد: ينوى قبل.
واختلف في هذه الجملة بعد، فقال في كتاب أشهب أبي الفرج في الخلية والبرية: ينوى وإن كان بنى بها، وترجح مرة في هذا الأصل، فروى مالك عنه في مختصر ما ليس في المختصر فيمن قال: أنت طالق واحدة بائنة، أو بتة أو خلية أو برية. وهي مدخول بها وقال: أردت واحدة. لم يقبل قوله، ثم قال لي: لا تكتبه لعلي لا أثبت على هذا. أشهب
وقال محمد بن عبد الحكم في "حبلك على غاربك، ووهبتك لأهلك، وشأنكم بها، واحدة، إلا أن ينوي أكثر. [ ص: 2746 ]
وقال في شرح عبد العزيز بن أبي سلمة ابن مزين في "حبلك على غاربك": ينوى، وعلى أصله أنها واحدة رجعية; لأنه قال في الحرام والتخيير أنها واحدة رجعية.
قال الشيخ -رحمه الله-: وأرى أن يحمل كل هؤلاء قبل الدخول مع عدم النية على واحدة; لأنها بالواحدة خلية وبرية وحبلها على غاربها وموهوبة ومردودة، وأما بعد الدخول فيحمل على الثلاث; لأن بها تبين إلا على القول أنها تكون بائنة وإن لم يكن معها فداء.
واختلف في قوله: فارقتك، فحمله في كتاب مالك محمد مرة على الثلاث قبل وبعد، إلا أن ينوي واحدة، وقال أيضا: إن لم يكن دخل فهي واحدة إلا أن ينوي أكثر، وبعد الدخول ثلاث إلا أن ينوي واحدة، وقال أيضا: هي واحدة وإن دخل، إلا أن ينوي الثلاث، وقال هي ثلاث ولا ينوى، وقال أيضا: هي واحدة إلا أن ينوي أكثر، والقول إنها واحدة دخل أو لم يدخل أحسن; لأن الفراق والطلاق واحد، ومن طلق فقد فارق، ومن فارق فقد طلق، قال الله -عز وجل-: أشهب: أو فارقوهن بمعروف [الطلاق: 2] ولم يأمرنا بالثلاث، وقال تعالى: وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته [النساء: 130]. [ ص: 2747 ]
وفرق بين قوله: أنت خلية، وخليت سبيلك، وخليتك، فقال: إذا قال: أنت خلية هي ثلاث قبل الدخول وبعده، وينوى قبل ولا ينوى بعد، وحكي عنه في "خليت سبيلك" ثلاثة أقوال:
أحدها: أن محمل قوله قبل الدخول أو بعده على الثلاث وينوى إذا قال: أردت واحدة قبل وبعد، مثل قوله في المدونة.
وقال أيضا: ينوى قبل، ولا ينوى بعد.
والثالث: أن محمله على واحدة قبل وبعد، قال: وإن قال: لم أرد طلاقا فهو أشده وهي البتة.
وقال محمد في قوله: "خليتك وسرحتك" ذلك سواء، هي واحدة، إلا أن يقول في هذين: لم أرد طلاقا. فيكون ذلك له إذا حلف، ولا يقبل قوله في "خليت سبيلك" أنه لم يرد طلاقا. وقال خليت سبيلك وخليتك وسرحتك وفارقتك سواء، هو ثلاث في المدخول بها حتى ينوي أقل فيحلف، وإن لم يدخل فهي واحدة حتى ينوي أكثر من ذلك. ابن حبيب:
قال الشيخ -رحمه الله-: أما قوله خلية، فلأن العادة جارية أن يقال: فلانة خلية [ ص: 2748 ] من زوج، وخلو من زوج، إذا كانت لا زوج لها، وذلك بعيد البينونة، وإن كانت مدخولا بها.
وأما قوله: خليت سبيلك فهي عبارة عن الطلاق، والمراد طلقتك، وكذلك أرى في قوله خليتك، ولا يصدق أنه لم يرد طلاقا، وأن يحمل في جميع ذلك قبل الدخول على واحدة، وقول أنت بالسراح أنها طلقة، إلا أن ينوي الثلاث حسن. ابن شهاب