فصل [في حكم الإقامة للصلاة]
كان في صلاة جماعة أو فذا، صليت في الوقت أو فائتة. ولا إقامة على النساء، قال الإقامة سنة على الرجال; وإن أقامت المرأة فحسن . ابن القاسم:
ومن شرط الإقامة أن تعقبها الصلاة في الفور، وإن بعد ما بينهما أعاد الإقامة، وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - التوسعة في ذلك، ففي عن مسلم قال: أنس ، ولم يقل إنه أعاد الإقامة. " أقيمت الصلاة والنبي - صلى الله عليه وسلم - يناجيه رجل، فلم يزل يناجيه حتى نام أصحابه، ثم جاء فصلى بهم"
ومن أجزأته صلاته. وقال ترك الإقامة عامدا أو سهوا يعيد [ ص: 249 ] الصلاة إذا تركها عمدا . والأول أحسن. ابن كنانة:
واختلف في الأئمة تجمع الصلاتين كالظهر والعصر بعرفة، والمغرب والعشاء بالمزدلفة، والجمع ليلة المطر، وفي جمع المسافر، فقال يصليها بأذانين وإقامتين . مالك:
وقال في المبسوط : بأذان للأولى وإقامتين. ابن الماجشون
وفي التفريع لابن الجلاب أنه يصليهما بإقامتين، بغير أذان .
وذكر بعض المخالفين عن أنه أقام للأولى خاصة وصلى الثانية بغير إقامة . ابن عمر
فأثبت مالك الأذانين; لأنه الشأن في صلاة الجماعة، وأسقط الأذان للثانية; لأن الأذان إعلام بدخول الوقت ليتطهروا ويكونوا على أهبة ، وليأتوا الصلاة، وهؤلاء متطهرون مجتمعون، وأسقط بالقول الثالث الأذان فيهما ; لأن الأصل أن يدعى لهما من كان غائبا وهؤلاء حضور [ ص: 250 ] مجتمعون، وأسقطت الإقامة على القول الآخر للثانية; لأن الإقامة أذان في الحقيقة، فالأول إعلام بدخول الوقت ليأخذوا في الطهارة والأهبة للصلاة، والثاني إعلام للدخول في الصلاة ليأتي من لم يأت، وكل واحد منهما متضمن للدعاء إلى الصلاة بقوله فيهما: حي على الصلاة، حي على الفلاح، وفي الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: عبد الملك يريد: " بين كل أذانين صلاة لمن شاء" فسمى الإقامة أذانا، فإذا سقطت الإقامة للثانية- جاز للفذ ألا يقيم. وهو قول التنفل بين الأذان والإقامة، الشعبي والأسود ومجاهد والنخعي وعكرمة وأصحاب الرأي. وأحمد
وقال في المبسوط فيمن أتى المسجد فوجد الناس صلوا، فقال: يقيم لنفسه أحب إلي من أن يصلي بغير إقامة. فاستحب ذلك ولم يره سنة. مالك
وقال في المبسوط أيضا: إنما الإقامة لمن يقيم لنفسه ولمن يأتي بعده، فإن دخل معه أحد كان قد أقام له. محمد بن مسلمة
واختلفت الأحاديث في صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمزدلفة، فظاهر حديث - رضي الله عنه - ابن مسعود . وفي " أنه صلاهما بأذانين وإقامتين" من طريق مسلم جابر بن عبد الله . وفي الموطأ من حديث " أنه بأذان واحد وإقامتين" أسامة [ ص: 251 ] "بإقامتين" . وفي من طريق مسلم ابن عمر . " بإقامة واحدة"
وإذا اختلفت الأحاديث رجع إلى ما يعضده القياس، فيؤذن للأولى في الظهر; ليعلم بدخول الوقت ويأخذوا في أهبة الصلاة، دون الثانية; لأنهم على أهبة مجتمعون، وكذلك في الجمع في المطر. [ ص: 252 ]