باب في القرض وما يجوز منه وما يمنع
قال القرض عند ابن القاسم: جائز في الثياب والرقيق والحيوان، وفي جميع الأشياء إلا الجواري وحدهن. مالك
قال الشيخ - رضي الله عنه -: ويمنع في أربع: القرض جائز في سائر المتملكات اللواتي يجوز بيعهن،
ما لا تحصره الصفة، كتراب المعادن، والصواغين.
وما لا يقدر على الوفاء به، وإن حصرته الصفة، كالديار والأرضين والبساتين.
والجزاف إلا فيما قل من الموزون، كما يجوز السلم في اللحم بالتحري، وهو في القرض أخف.
والجواري، لا يجوز فيهن القرض; لأنه من باب عارية الفروج إلا أن تكون الجارية في سن من لا توطأ، أو يكون المقرض ممن لم يبلغ الالتذاذ إذا أقرضها له وليه، أو يقرض لامرأة أو لأحد من ذوي محارمها، أو ممن لا يجوز له وطؤها من ذوي محارم الأول، إذا كان الأول أصابها، أو لمن عليه دين فيقبضها فيه.
وقال محمد بن عبد الحكم في مختصر حمديس: لا بأس بقرض الجواري إذا كان يرد مثلهن. [ ص: 2933 ]
وقال في المعونة: إن اقترض أمة ردها ما لم يطأها; لأن قبول ردها حق للمستقرض، فيلزم المقرض قبولها، فإن وطئها لم يجز ردها. أبو محمد عبد الوهاب
يريد: أن غرض المستقرض أن يرد مثلها، لا ليرد عينها، فإذا كان ذلك كان قرضا جائزا، وقيل له: حقك في الرد ما لم تطأ، فإذا وطئتها سقط حقك في الرد.
وإنما منع قرض الديار; لأنه لا يتأتى وجود المثل في تلك المحلة، يكون مثلها في الذرع وعدد البيوت وصفة البناء وارتفاع سمكها وصفة علوها إن كان لها علو، وأيضا، فإنه يزاد إن كان مثلها كثيرا في تلك المحلة للبيع متى أراد شراء ذلك وجده.
ولا يجوز قرض منافع الديار لهذه الوجوه، وكذلك البساتين والأشجار لا يجوز قرضهن، لتعذر وجود مثله في ذلك الموضع، أو ما قاربه في كرم أرضه وأعداد شجره، وكونها مثلها في الشباب والجنس، ولو كان ذلك في أصول بغير أرض، لجاز إذا كان بيع مثل ذلك في ذلك الموضع موجودا.
وقال لا بأس بالتمر بالنخل يدا بيد، وإلى أجل قريب أو بعيد إذا وصفت النخل، ولم يكن فيها ثمر يوم يأخذها ثمر طلع أو بلح. [ ص: 2934 ] محمد بن المواز:
ومحمل قوله على أن السلم في ذلك بغير أرض يأخذها المسلم فيغرسها حيث أحب، ويختلف في قرض المبقلة، فلا يجوز ذلك عند ويجوز عند ابن القاسم، وهذا على اختلافهما في السلم في مثل ذلك، ويجوز قرض جلود الميتة بعد الدباغ، وليس القرض بيعا، وأجاز أشهب، إجارتها; لأنه يبيع ما يجوز له الانتفاع به منها، ولا يشبه بيع المنافع بيع الرقاب. [ ص: 2935 ] سحنون