فصل [في اختلاف المسلم والمسلم في الجودة]
واختلافهما في الجودة، كاختلافهما في الكيل.
واختلف إذا قال: هذا قمح، وقال الآخر: شعير، قال يتحالفان ويتفاسخان . مالك:
وقال في كتاب عبد الملك أبي الفرج: لا يتحالفان; لأنهما اتفقا في الجنس، وجعلهما كاللذين اختلفا في الجودة، والأول أبين.
فإن استوى الكيل تحالفا وتفاسخا.
وإن - بيع الشعير واشتري به قمح، ولم أحلفهما; لأن أحدهما كاذب آثم، فلا أدخله في الإثم مع القدرة على السلامة من ذلك. [ ص: 2981 ] اختلفا، فقال أحدهما : أسلمت إليك في عشرة أرادب قمحا، وقال الآخر: في عشرين من شعير ، واستوى الثمن
وإن كان ثمن الشعير أقل تحالفا، فإن حلف المسلم إليه ونكل الآخر سلم الشعير واشتري به قمح، وكان العاجز خسارة على المسلم; لأنه لا يجوز على إقراره أن يأخذ عشرين شعيرا عن عشرة قمحا، وكذلك إن نكل المسلم إليه وحلف المسلم، بيع الشعير واشتري بثمنه قمح، فما عجز أتمه المسلم إليه; لأنه لا يجوز له أن يمسك على قوله عشرين شعيرا ويدفع عشرة قمحا، وإن نكلا رد رأس المال ولم يشتر به شيء .
وقال في كتاب مالك إذا نكلا كان القول قول البائع، وهو كمطلوب رد اليمين، فنكل الطالب . ابن حبيب:
وهذا يصح على قول أبي الفرج; لأنه يقول: يبدأ البائع باليمين ويسلم الشعير.
وأما على القول الآخر، فإنما يبدأ باليمين ليسقط دعوى المسلم في القمح، ويحلف الآخر لئلا يؤخذ بقبض الشعير، فإن نكلا كان كل واحد على ما بدئ به لو حلف.
وإن تحالفا وتفاسخا، وإن طال أو حل الأجل، واستحسن إذا كان يوفي التمر بثمن القمح أن يقبض ويباع ويشترى به قمح ولا يحلفا. [ ص: 2982 ] قال: أسلمت إليك في قمح، وقال الآخر: في تمر،
وإن قال: أسلمت إليك في فرس على صفة كيت ، وقال الآخر: دونها، كان كالاختلاف في الكيل إذا اتفقا على الصفة.
وإن قال أحدهما: ذكر، وقال الآخر: أنثى، تحالفا وتفاسخا; لأن كل واحد منهما يراد لما لا يراد له الآخر.
ولو لأن الأنثى لا يراد منها نسل، وإنما يرجع الاختلاف إلى جيد ودنيء. اختلفا في بغل، فقال أحدهما: ذكر، وقال الآخر: أنثى، كان القول قول المسلم إليه;
وقد تقدم القول إذا اختلفا في موضع القبض.
وقال إذا اختلفا في الكيل، وقال المسلم : أسلفتك على قفيز بلدي، وقال المسلم إليه: بل على قفيز بلدي، ولا بينة لهما كان القول قول البائع مع يمينه، وإن تقارا أنهما لم يسميا قفيز بلد، فهو على قفيز البلد الذي أسلفت فيه الدراهم . ابن حبيب:
وأرى أن يكون القول قول من ادعى مكيال البلد الذي يقبض فيه السلم.