فصل [في اختلاف المسلم والمسلم إليه في مقدار المسلم فيه]
وإن قال: أسلمت إليك هذا الثوب في عشرة أقفزة، وقال الآخر: بل هذين بغير الأول في عشرة تحالفا وتفاسخا، والمسلم مبدى باليمين في الثوبين أنه لم يسلمهما.
والمسلم إليه مبدى باليمين في الثوب المنفرد أنه لم يشتره، وكل واحد منهما بالخيار بين أن يحلف على سقوط دعوى صاحبه فقط، فيحلف المسلم ما [ ص: 2985 ] أسلمت إليك هذين الثوبين، ويحلف الآخر: ما أسلم إليه ذلك الثوب ولا يزيدان على ذلك وقد انفسخ ما بينهما، وبين أن يثبت دعواه على صاحبه فيحلف ما أسلمت إليك إلا هذا الثوب المنفرد، فإن نكل الآخر استحق الحالف قبله ما حلف عليه وسلم الثوب وحده.
وإن ابتدئ بيمين المسلم إليه فأحب أن يحلف أنه لم يسلم إليه ذلك الثوب، ولقد أسلم إليه الثوبين أو ما أسلم إليه إلا الثوبين، فإن حلف على ذلك ونكل المسلم استحق الثوبين في ماله وبقي المنفرد لصاحبه.
واختلف إذا أقام كل واحد منهما بينة على دعواه وكانا قد اختلفا في مجلس واحد، فقيل: يقضى بالبينتين وتكون الأثواب الثلاثة سلما في عشرين; لأن كل واحدة أثبتت حكما، وقيل: يقضى بأعدلهما ; لأنه تكاذب، وإن كانت الشهادتان عن مجلسين قضي بهما في عشرين قولا واحدا.
وإن قال: وأقام كل واحد منهما بينة، فهل يقضى بالشهادة بالعبد والثوب; لأنها زادت، أو بأعدلهما; لأنه تكاذب؟. أسلمت إليك هذا العبد في عشرة أقفزة، وقال الآخر: وهذا الثوب معه،
وسواء ها هنا كانت الشهادة عن مجلس أو مجلسين; لأن المسلم والمسلم إليه اتفقا على أنه تكاذب، وأن العبد لم يعقد عليه السلم إلا مرة واحدة، فهذا يقول عقدنا فيه السلم أمس وصار ملكا للمسلم إليه، ثم لم يكن عقد [ ص: 2986 ] غيره، والآخر يقول: كذبت بينتك لم يعقد فيه إلا اليوم، فالتكاذب يقوم من قول من قام بهما.
وكذلك إن قالت بينته: قال كذا، وقالت الأخرى: لم يقله بل كان ساكتا، فهو تكاذب، بخلاف أن يقول: يمكن أن يكون قال ذلك ولم أسمعه.