باب في الإقالة في الطعام والثياب والعبيد
إقالة الطعام تجوز قبل قبضه على عين رأس المال وعلى مثله إذا كان رأس المال عينا دنانير أو دراهم، وإن كان رأس المال عرضا أو عبدا، أو ما يقضى فيه بالقيمة، جازت الإقالة على عينه إذا لم يتغير في نقصه، ولم يجز على مثله ولا على قيمته.
واختلف إذا كان رأس المال شيئا مما يكال أو يوزن:
فقال في كتاب ابن القاسم محمد: لا تجوز الإقالة على مثله ولا تولية بمثله.
وأجازه في المجموعة . أشهب
وهو أحسن، إذا كان المثل مما لا تختلف فيه الأغراض في الغالب، كالحديد والنحاس والرصاص وما أشبهها.
وإن كان مما يتحصل فيه المثل كالكتان وما أشبهه، لم يجز.
وإن كان رأس المال تبرا أو ذهبا مكسورا أو نقرة فضة، فيسأل عنه أهل المعرفة، فإن قيل: إنه يقطع، أن هذا مثل الأول، جازت الإقالة، وإن قيل: إنه [ ص: 3033 ] لا يحاط بمعرفة ذلك، لم يجز.
وقال في كتاب مالك محمد: ولا تقيل من طعام غائب عنك ويدخله الدين بالدين، ولا توليه لأحد، وفي الواضحة: ولا يشرك فيه .
وأما الإقالة فيستوي فيها الطعام والعروض، وقد منع ذلك في العروض إذا اشترى سلعة غائبة أن يقيل منها، وقال: أراه من الدين بالدين . مالك
وأجازه وقاله أشهب، قال: لأن ذمم هذين تبرأ ولا تنعقد. يحيى بن عمر
وعلى هذا تجوز الإقالة من الطعام وإن كان غائبا.
ويختلف في الشركة والتولية إذا كان الثمن الأول مؤخرا إلى أن يقبض الطعام; لأن الذمم تختلف فيها الأغراض كالعروض.
وقد اختلف في من اشترى طعاما حاضرا بثمن مؤجل ثم أشرك فيه عبده أو ولاه قبل الأجل، فأجاز ذلك في المدونة . ابن القاسم
ومنعه ابن القاسم في كتاب وأشهب محمد . [ ص: 3034 ]
وقال لا يصلح فيه إلا الإقالة وحدها، قال: وهو بمنزلة من وجب له طعام من إجارة أو اشتراه بعرض، فإنه لا تصلح فيه إلا الإقالة ما لم يفت العرض أو يعمل الأجير . أشهب:
قال لأن الذمم تختلف، فليس ذمته وذمة الذي أشركه أو ولاه سواء، ولا بد أن يكون أحدهما أملى أو أعدم. ابن حبيب:
قال: ولو بيع الغائب بالنقد; لأنه قريب الغيبة لجازت التولية فيه والشرك، ولا يدخله فسخ دين في دين، ولا بيع الطعام قبل قبضه .