فصل [فيمن حفر بئرا في أرض مملوكة]
-وإن كان في أرض مملوكة كان صاحبها أحق بها في وجهين:
أحدهما: أنه يحتاج إليه لإبله أو ماشيته، قال فإن فضل عنه شيء فليخل بين الناس وبينه . مالك:
والثاني: إذا كانت الأرض مزروعة فعطل زراعتها ووقفها للكلإ ليبيعه فإنه أحق به يبيعه، ويصنع به ما شاء، وإن لم يوقفها لذلك ولم تكن له حاجة ولم يكن له هناك سوق ولا من يشتريه، ولا يقدر صاحب الأرض أن يجمعه ليبيعه في موضع يباع فيه لم يمنع هؤلاء من رعيه; لأنه إن ترك فسد وصوح فيه، فهو يمنع ما لا ينفعه.
واختلف إذا كان يقدر على بيعه على ثلاثة أقوال:
فقال يخل بين الناس وبينه، وجعل الفاضل عن حاجته كغيره مما في الصحاري. مالك:
وقال أيضا: لا بأس أن يبيع خصب أرضه ممن يرعاه عاما إذا بلغ أن يرعى ولا يبيعه عامين، وهذا خلاف قوله الأول.
وقال في كتاب مطرف إنما ذلك له في مروجه وحماه، وليس في البور والعفاء ، إلا أن يكون عليه في تخلية المواشي مضرة، مثل أن يكون حول [ ص: 3272 ] الخصب زرع . ابن حبيب:
فأخذ بالقول الأول، وأنكر قول أشهب أن له أن يبيع خصب أرضه، وقال: الكلأ يخرجه الله -عز وجل- عشبا لعباده، كالماء العذب الذي يخرجه الله تعالى على وجه الأرض، فلا يملك ولا يباع، ويجوز له أن يذب عنه ويحميه عند حاجته إليه، إلا أن يجزه ويحتمله فيبيعه، وأما قائما فلا، ولو جاز هذا لجاز للإمام في أرض العنوة أن يبيع كلأها حتى يجعلها كالسواد، وأخذ سحنون بالقول الآخر، وقال له أن يمنع مراعي أرضه وحيتان غديره; لأنه في ملكه . ابن القاسم
قال الشيخ - رضي الله عنه -: قد جاء الحديث ، "لا يمنع فضل الماء" ، ونقع البئر مما يملك، فإذا لم يكن له منع; لأن منع ذلك يضر بغيره ولا ينفعه لأنه يذهب تحت الأرض، فكذلك الكلأ فيما يملك إذا كان بموضع لا يباع فيه، وإن منع يبس وفسد، ولم يحتجه فيما يستقبل، فإنه يجبر على تسليمه بغير شيء، إلا أن يكون صاحبه يحصده ، ويحتمله للبيع فيكون أحق به كما قال و"لا يمنع نقع بئر وفضل الماء" ويفارق فضل الماء لأن هذا قادر على أن يتموله، وفضل الماء يذهب تحت الأرض فلا ينتفع به، وعند أشهب، ابن مزين: له أن [ ص: 3273 ] يمنع ويبيعه إذا كان قد حظر عليه، وأما الفدادين فلا.
- وإذا كان الكلأ في حائط كان له منعه; لأن ذلك مما يضره، وقال في كتاب أشهب محمد: يمنع إذا كان في الدخول ضرر ، ويجوز أن يأخذ فيه حينئذ ثمنا، ويكون الثمن للضرر الذي يدخل عليه في زرعه.