فصل [فيمن باع الهبة ثم اشتراها وأراد ردها من غير ثواب]
وإن باع الموهوب له الهبة ثم اشتراها وأراد ردها ولا يثيب لم يكن ذلك له; لأن البيع رضى منه بالتزام الثواب، ولو حال سوقها أو حالت في نفسها ثم عاد أو عادت لحالها كان له أن يرد; لأن ذلك لم يكن بفعله فيعد راضيا، وإنما يمنع الرد لمكان الضرر بالواهب في نقصها أو نقص سوقها، فإذا لم ينظر في ذلك حتى ذهب الضرر سقط مقاله .
والجواب في البيع الفاسد بعكس هذا، فإن باع ثم عادت إلى يده ردت، وإن حال السوق ثم عاد لم يرد، والفرق بينهما أنه في الهبة حق لآدمي فينظر هل [ ص: 3417 ] فعل ما يفهم منه الرضا، وفي البيع الفاسد حق لله -عز وجل-، فلم يعتبر الرضا بالتزام القيمة بالبيع الثاني; لأن المشتري مع البائع الأول رضيها لنفسه، وهي بعد ذلك تنقض، وإنما يعتبر هل في الرد ضرر على أحدهما، فإن عادت إلى يد بائعها لم يكن في الرد ضرر على أحدهما، وإن حال السوق سقط ملك البائع عنها، وإذا سقط ملكه لم يكن له سوى القيمة، ولا يراعى أن يعود إلى مثل السوق الأول، ولو قيل مثل ذلك إذا خرجت من يده ثم عادت إليه لم يبعد كما قال أشهب.