باب في مراجع الأحباس وما يرجع منها ملكا لصاحبها
الحبس على وجهين: على معين ومجهول، والمعين على خمسة أوجه يرجع ملكا في وجهين. واختلف في ثلاثة هل يرجع ملكا أو يمضي حبسا.
فإن قال: حبسا على هؤلاء النفر أو هؤلاء العشرة، وضرب أجلا، أو قال: حياتهم، رجع ملكا، ولا خلاف في هذين الوجهين، وقال محمد: ليس هذا حبسا وإنما هو سكنى .
واختلف إذا أطلق ولم يسم أجلا، ولا حياة، وقال: حبسا صدقة، أو قال: لا يباع ولا يورث، فقال مرة: إذا أطلق ذلك لم يرجع ملكا، وكان على مراجع الأحباس، وقال أيضا: يرجع ملكا إلا أن يقول: حبسا صدقة أو لا يباع ولا يورث ، وقال مالك في كتاب ابن الماجشون إذا كان الحبس على إنسان بعينه فهي عمرى، وإن سماها صدقة . ابن حبيب:
وقال في العتبية فيمن ابن وهب فقال: هي له، يصنع بها ما شاء ، ولم ير قوله لا تباع ولا توهب مما يمنع المرجع. [ ص: 3448 ] حبس دارا على رجل وقال: لا تباع ولا توهب، ثم بدا له، فقال: هي عليك صدقة،
وأرى إن أطلق الحبس أن يرجع ملكا; لأن معنى الحبس حبس الرقاب لتقبض المنافع، فإذا قبضت وانقضت بموت المعطى عاد إلى صاحبه ولا يخرج عن ملكه إلا ما أعطاه; ولأن حياة المعطى أجل، ولا فرق بين قوله حياته وسكوته عن ذلك; لأن قوله على فلان يتضمن حياته، وكذلك إذا قال حبس صدقة ويعود ملكا; لأن الحبس على معين يحتمل أن يريد به وجه المحبس عليه أو وجه الله -عز وجل-، فإذا قال: صدقة أبان أنه أراد به وجه الله -عز وجل-، ولا يفيد أكثر من ذلك، وليس يفهم منه زيادة مدة ولا قوم آخرين، ولا يختلف أن هذه الكلمة لم توضع لشيء من ذلك.
وقوله: "لا تباع ولا تورث" مشكل يحتمل أن يريد لا تباع ولا تورث أبدا، أو حتى يستوفي هذا ما جعلت له أوجبت ألا أبيعه، ولا يورث عني حتى يستوفي حبسه، فإن كان حيا سئل ما أراد، فإن مات قبل أن يسأل حمل على أن ذلك ما عاش المحبس عليه، ولم يسقط حقه في المرجع بالشك إلا أن تكون العادة ألا يباع ولا يورث أبدا.
وقال في المبسوط: إن قال في صدقته: "حبسا" ولم يزد فهي عمرى، وإن قال: صدقتي هذه على فلان وهي محبسة، لم ترجع من بعده إلا أن يقول عليه، ولو قال: صدقة محبسة وفلان يأخذها ما عاش، فإنها حبس . [ ص: 3449 ] عبد الملك