فصل [في الشيء يجعل لله ثم يريد المتصدق نفسه أن يشتريه]
واختلف فيمن جعل من ماله شيئا لله سبحانه وتعالى، وكان مما لا يتصدق بعينه، وإنما يتصدق بثمنه، هل يجوز للمتصدق أن يشتريه؟ فقال في العتبية فيمن قال في دابة أو عبد: أنا أهديه- إنه مخير في ثمنه أو قيمته، ويجعله في هدي . مالك
وقال في كتاب محمد في امرأة جعلت خلاخلها في سبيل الله إن شفاها الله -عز وجل-، فصحت، هل تخرجهما أو تحبسهما لتخرج قيمتهما؟ فإنه كان يقال: أنجز لله ما وعدته . وهذا أحسن، والأصل أنه يكره أن يتملك شيئا جعله لله -عز وجل- أو يعود إلى كسبه، ولا فرق بين المسألتين إلا أن يقول المتصدق: نويت الثمن.
وقال فيمن تصدق على ولده الصغير بجارية فتبعتها نفسه فله أن يقومها على نفسه . مالك
وقال في العتبية مثل ذلك إذا كانت الصدقة بعبد: إن له أن يشتريه . [ ص: 3478 ] مالك
وقال في كتاب محمد فيمن ويأكل من ثمرة الحائط، قال تصدق على ابن له بغنم فلا بأس أن يأكل من لحمها ويشرب من لبنها ويلبس من صوفها إذا أعطاه ولده ذلك، وكذلك الأم ، وقال ابن القاسم: ابن نافع في شرح ابن مزين: أكره أن ينتفع بصدقته على ولد كانت أو أجنبي، ولا أحب أن ينتفع بشيء منها، وهذا أحسن لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "العائد في صدقته" ولم يفرق، ولأن كل ذلك أراد به وجه الله -عز وجل-، فلا يرجع في شيء منه، وله أن يشتري الهبة; لأن له أن يعتصرها بغير شراء فهو في الشراء أخف.