باب فيمن أوصى بخدمة عبد وبمرجعه إلى عتق ، أو إلى فلان أو أوصى مع ذلك بدنانير أو بالثلث
وقال فيمن مالك فلم يحمله الثلث ولا أجازت الورثة : عتق منه ما حمل الثلث بتلا ، وسقطت الخدمة . وقال أيضا : ينظر إلى ما حمل الثلث منه فيخدم فلانا سنة ثم يعتق ذلك الجزء بعد انقضائها . أوصى بخدمة عبده لرجل سنة ثم هو حر
ولم يختلف أنه إذا جعل المرجع بعد الخدمة إلى فلان فضاق الثلث أنه لا يبدى أحدهما على الآخر ، وإنما يقطع لهما من ذلك العبد بما حمل الثلث ، ثم يختدم الموصى له بالخدمة ذلك الجزء ، فإذا انقضت عاد إلى من جعل له المرجع ولم يجعل صاحب الخدمة بمنزلة من جعل له التبدية من الثلث فيقطع له بجميع الثلث إذا لم يحمل الوصايا ، وإنما قصد الميت قسمة ذلك بينهما فجعل لهذا خدمة ولهذا مرجعا ، ولهذا قال مرة : إنه إذا جعل المرجع إلى عتق لا يبدأ العتق; لأن الميت ساوى بين الوصيتين ولم يبد إحداهما على الأخرى . مالك
وإن قال : يخدم عبدي فلانا سنة ولم يحمله الثلث ولم يجز الورثة ، قطع للموصى له بالثلث شائعا ، وإن قال : له خدمته حياة العبد قطع له في عين [ ص: 3623 ] العبد بخلاف الأول; لأن هذا أخرج العبد جملة عن الورثة فأشبه إذا أوصى برقبته ، والأول فيه معاوضة; لأنه أخذ من خدمة العبد فوق نصيبه على أن أعطاهم ماله فيه من المرجع ، وكذلك إن قال : يخدم ورثتي سنة ثم مرجعه لفلان فيه معاوضة من الميت ، فإن لم يجيزوا قطعوا له بالثلث . وإن قال : يخدم فلانا سنة ثم ورثتي سنة ثم مرجعه لفلان فلم يحمله الثلث ، قطع للموصى لهما بالثلث شائعا هذا بقيمة خدمته سنة والآخر بقيمة المرجع بعد سنتين ، وإن أوصى بخدمة عبد وبعتق آخر وضاق الثلث ، بدي بالعتق ، وإن أوصى برقبة الآخر لفلان تحاصا هذا بقيمة الخدمة على غررها والآخر بقيمة الرقبة ، فما ناب المخدم أخذه شائعا ، وما ناب الآخر قطع له به في العبد ، وإن قال : يخدم عبدي فلانا عشر سنين ثم هو لفلان ، وقال في آخر : هو لفلان ، تحاصا فيضرب الموصى لهما بالخدمة والمرجع بقيمة ذلك العبد بتلا; لأن الميت أخرج جميعه لهما ويضرب الآخر بقيمة العبد ، فما ناب المخدم خدم الموصى له بالخدمة ما حمل الثلث منه ، ثم كان مرجع ذلك القدر لمن جعل له ، وما ناب الآخر أخذه في عين ذلك العبد أيضا ، وإن قال : يخدم عبدي فلانا عشر سنين ثم هو حر ولفلان مائة دينار ، فكان الثلث : العبد وخمسين دينارا ، أخذه الموصى له بالمائة وهي نصف وصيته وأخذ الآخر نصف الخدمة ، ثم تحاصا في باقي الخدمة هذا بخمسين دينارا وهذا بقيمة نصف الخدمة ، فإن [ ص: 3624 ] كانت قيمتها خمسين كانت الخدمة بينهما نصفين ، وإن كان العبد كفاف الثلث تحاصا في خدمته ، هذا بقيمة الخدمة وهذا بمائة دينار ، فإن كانت قيمة الخدمة مائة اقتسماها نصفين ، فإن مات العبد بعد خمس سنين كان فيه قولان : فقيل : ذلك حكم مضى ولا رجوع لأحدهما على الآخر ، وقيل : ينقض الأول ويرجعان إلى ما كشف الغيب وقد كان الحكم المحاصة بالخدمة خمس سنين فيحاص الآن بقيمة الخدمة على ألا غرر فيها ، والآخر بالمائة فيغرم المخدم الفاضل عنده ، وإن خلف العبد مائة دينار أخذها الموصى له بالعين ، ورجع المخدم على صاحبه بقيمة ما أخذ من الخدمة ، وإن خلف العبد خمسين دينارا أخذها الموصى له بالعين وهو نصف وصيته ، ويكون للمخدم نصف الخدمة وهي سنتان ونصف وقد صارت إليه ، ثم يرجع على صاحبه في سنتين ونصف يتحاصان فيها ، والقول الأول أحسن لأنه حكم قد مضى وقد كانت القيمة في الخدمة تلك العشر سنين على غررها ، وإنما قومت ما تساوى مع إمكان أن يموت [ ص: 3625 ] العبد قبل ، فلا يكون لمشتر تلك المنافع سوى ما قبض ، وإذا كانت القيمة على هذه الصفة فلم يكشف الغيب أكثر مما كانا دخلا عليه ، ويتحاص على غير هذا القول مما ترك العبد على ما كان يتحاصان في الخدمة قبل موته ، وإن لم يحمل الثلث إلا نصف العبد ، ولم يجز الورثة أعتق نصف العبد بتلا ، وسقطت الخدمة والوصية بالمال ، فإن قال الورثة : نحن نجيز عتق جميعه إلى الأجل ، وسلم أهل الوصايا نصف الخدمة ، كان ذلك لهم ، ولم يكن للموصى لهما في ذلك مقال; لأن الورثة لم ينتفعوا من ثلث الميت بشيء ، ولو قال الورثة : نجيز لأهل الوصايا جميع الخدمة ثم يعتق نصف العبد إلى الأجل لم يكن ذلك لهم .