باب فيمن أوصى بعمارة مسجد ، أو بإطعام مساكين أو إطعام رجل بعينه
على وجهين : الوصية بالمجهول
أحدهما : ما لا غاية له كقوله : اسقوا كل يوم راوية ، أو أطعموا خبزة .
والثاني : ما له غاية تنقطع بها فيضرب أجلا ويقول : أعطوا فلانا كل يوم درهما أو خبزة .
فاختلف إذا كانت الوصية للمساكين ، أو لعمارة مسجد ، ولم يضرب أجلا ، فقيل : محمل الموصي على أنه أراد جميع المال ، فيقال للورثة : أجيزوا وصيته ، فإن لم يفعلوا فحينئذ يرجع إلى الثلث . وقيل : محمله على الثلث ، ولا يقال للورثة شيء وهو أبين ، وليس القصد من الميت أن يخرج ولده وأهله من جميع المال .
واختلف إذا اجتمع في الوصية مجهولان ، عمارة مسجد وإطعام مساكين ، فقيل : هو بمنزلة من وصى بمجهول واحد وقد جمعهما الثلث ، وقيل : لكل وصية ثلث ، فإن أجازت الورثة خرج ثلثا المال ، وإن لم يجز ردت إلى الثلث .
ويختلف في صفة القسمة ، فعلى القول الأول إن ذلك وصية واحدة بثلث واحد يفض الثلث على قيمة ما يخرج منه كل يوم ، لكل واحد بانفراده ، وعلى القول إنها وصايا ، ولم يجز الورثة يكون الثلث بينهما نصفين ، وإن وصى مع [ ص: 3634 ] ذلك بمعلوم ، عاد الخلاف المتقدم في القدر الذي يحاص به المجهول إن كان مجهولا واحدا هل يحاص بالثلث ، أو بجميع المال ومن جعلها وصايا ضرب لكل مجهول بجميع المال ، أو بالثلث على القول الآخر ، والقول إن بجميعها ثلثا واحدا أحسن ، فإن ضرب أجلا فقال : اسقوا كل يوم راوية وأطعموا كل يوم خبزة سنة أو سنتين ، نظر إلى ما ينفق في تلك السنة من تلك الوصية ، فإن كان أكثر من الثلث قيل للورثة إن لم تجيزوا فاخرجوا من ثلث الميت ، وإن كان ذلك أقل من الثلث وأخذ الورثة بقية الثلث ، ثم غلا السعر ، انتزع منهم تمام الثلث ، وإن كان مع ذلك وصية بمعين ، كان الحصاص بقدر ما ينفق في تلك السنة .