باب في مدبر النصراني يسلم ومدبر المرتد
يكون مسلما على ثلاثة أوجه : إما أن يسلم بعد التدبير ، أو يسلم ثم يدبره ، أو يشتريه مسلما فيدبره ، وقد اختلف في هذه الوجوه الثلاثة ، فاختلف إذا أسلم بعد التدبير ، هل يبقى على تدبيره ويؤاجر إلى موت سيده ، أو تباع رقبته؟ وإن أسلم ثم دبره لم يبع قولا واحدا . مدبر النصراني
واختلف هل يؤاجر إلى موت سيده أو يعجل عتقه الآن ، وإن اشتراه وهو مسلم ، ثم دبره كان فيه ثلاثة أقوال ، وكان الجواب كالأول : يمضي تدبيره إلى موت سيده . وقيل : يعجل عتقه . وقيل : الشراء فيه كان غير منعقد ، وكأنه دبر عبد غيره ، وقال في المدونة : إذا دبره وهو نصراني ثم أسلم النصراني المدبر ، فإنه يؤاجر من مسلم إلى أن يموت سيده . مالك
وقال : يتخرج فيها قول آخر : أنه يباع ويدفع ثمنه إلى النصراني; اعتبارا بأم الولد إذا أسلمت; لأن خدمة أم الولد أقوى من خدمة التدبير . [ ص: 3951 ] أبو محمد عبد الوهاب
وهذا صواب ، فيباع لأن العقد المتقدم إنما كان من كافر ، والعتق يتضمن وجهين ، حق وهبة من السيد إلى العبد ، لا تلزمه ، وحقا لله ، وهبة الكافر ، وهذا بخلاف العتق المبتل إذا حوزه لنفسه فإن الرجوع بعد الحوز من باب التظالم ، ولهذا قال والكافر غير مخاطب بفروع الشريعة مرة في أم ولد النصراني تسلم : أنها تباع . وقال في المبسوط في مكاتب النصراني يسلم : إن له أن يبيعه عبدا لا كتابة فيه ، والكتابة أبين كان أن يمضي إذا حوزه نفسه ليسعى فيها ، وإن دبره بعد أن أسلم لم يرد تدبيره; لأنه حكم بين مسلم ونصراني . مالك
واختلف في تعجيل العتق فرآه مثل الأول : يؤاجر ولا يعتق الآن . وقال غيره : يعجل عتقه; لأن حكمه إذا أسلم أن يباع ، فلما منع ذلك التدبير أعتق عليه . وكذلك إذا اشتراه وهو مسلم ثم دبره- لم يبع ولم يتعجل عتقه على قول مالك . وقال غيره : يعجل عتقه . وقال مالك فيمن دبر عبده ثم ارتد ولحق بدار الحرب : إن ماله يوقف حتى يموت ، ويعتق المدبر من ثلثه ، وفي عتقه من ثلثه نظر; لأن جميع ماله صار فيه للمسلمين ولا ثلث له . [ ص: 3952 ] ابن القاسم