فصل [في مواضع الاختلاف في بيوع الآجال]
واختلف في بيوع الآجال في أربعة مواضع:
أحدها: إذا باع بعشرة إلى أجل فاشترى بخمسة نقدا، هل يفسخ البيعان [ ص: 4174 ] أو الآخرة، أو يمضيان جميعا؟
الثاني: بعشرة إلى أجل ثم نقد البائع فباعها بخمسة نقدا، أو أهلكها وقيمتها خمسة، هل تمضى البيعتان إذا كان ذلك بتعد، أو يكون حكمه حكم ما لو كان برضى من المشتري؟
الثالث: إذا اشتراها بأقل لحدوث عيب نزل، أو كان عبدا أو دابة فهزل، هل يكون ذلك مما يرفع التهمة وتمضى البيعتان أم لا؟
الرابع: إذا لم يتهما في دفع قليل في كثير، وإنما يبقى صرف مستأخر أو مبادلة أو مراطلة أو أسلفني على أن أسلفك، هل يحملان في البيعتين على الجواز، بخلاف أن تكون التهمة أن يدفع شيئا في أكثر منه.
فأما إذا باع بعشرة ثم اشتراه بخمسة نقدا:
فقال عبد الملك بن الماجشون: تفسخ البيعتان، وسواء كانت السلعة قائمة أو فائتة، وقال تفسخ البيعة الآخرة، وترد السلعة إلى يد مشتريها الأول، فإن فاتت فسخت البيعتان، وذكر ابن القاسم: ابن عبدوس قولا ثالثا، أنه يغرم المشتري الآخر وهو البائع الأول الخمسة، ولا يكون له إذا حل الأجل سوى تلك الخمسة.
وقال ابن مسلمة: يفسخ البيع الآخر إذا كان قائما، فإن فات مضى.
فأما عند فإن محمل قوله فيمن كان عادتهم التعمد للفساد أو حماية ذلك، كما قالت عائشة - رضي الله عنها - في زيد. [ ص: 4175 ] مالك،
وكذلك قول يحمله على ما ليس بعادتهم التعمد للفساد أو يرد مع القيام، فإن فات فسخ البيعتين حماية، وقد تتوزع في الوجه الذي يفيتها هل هو حوالة الأسواق أو العيوب وهو الأشبه، وكل ذلك استحسان وليس بقياس. ابن القاسم
والقياس ألا ترد وإن كانت قائمة؛ لأن من هي في يده يقول: لا تخلو أن تكون البيعتان صحيحتين فلا تنزع من يدي، أو تكونا فاسدتين على ما زعمتم فحكمها أن تقر في يدي؛ لأنه لم يكن بيننا على قولكم بيع، ولهذا قال في المجموعة: لا ترد ويدفع الآن خمسة ثم يأخذها عند الأجل؛ لأن المشتري الأول يقول: هذا مقر لي بخمسة الآن فأنا آخذها، وأنتم تمنعون أن يؤخذ عنها بعد ذلك عشرة فأنا أدفع إذا حل الأجل خمسة وتبقى خمسة ويتصدق بها.
وقد أبان ابن مسلمة الوجه الذي من أجله تمضي البيعتان.