فصل [في اشتراط القضاء في غير بلد القرض]
ومن لم يجز، إلا أن يقوم دليل على أنه أراد منفعة المستقرض وحده، وقال أقرض طعاما ببلد ليقضيه بغيره في مالك لا خير فيه، ولكن يتسلف ولا يشترط. وقال الحاج يسلف السويق والكعك يحتاج إليه، ويقول: أوفيكه في موضع كذا ببلد آخر: في الحمديسية: لا بأس بذلك للحاج ونحوه للضرورة، ولولا الشرط لم يسلفه. سحنون
وهو أحسن؛ لأن المقرض لا منفعة له في ذلك؛ لأن القرض يحتاجه في البلد الذي يصل إليه، ولا يسلفه ذلك ليقضيه في المناهل التي قبضه فيها؛ لأن ذلك مما يضر المقرض، ولا منفعة للمقرض في هذا الشرط؛ لأن المقرض كان يوصلها على راحلته إلى مكة فينتفع به هناك، وكذلك لو أخذه الذي يحتاج إليه بقبضه؛ لأنه وجبت مواساته، لوجب أن يقضيه له في موضع كان حمله [ ص: 4207 ] المقرض لينتفع به فيه؛ لأنه إن لم يقض له به في الوضع الذي يحتاجه فيه كان قد أضر بالمقرض، وانتفع المستقرض.
وقال فيمن مالك لا بأس به إذا كان على وجه الرفق من المقرض، فيحصد الشيء اليسير من الشيء الكثير وما لا يخفف عن صاحبه مؤونة. أتى إلى رجل له زرع قد يبس، فقال: أسلفني فدانا أو فدانين أحصدهما وأدرسهما وأذريهما وأكيلهما وأقضيك كيلهما:
وقال في الدنانير والدراهم يسلفها الرجل الرجل على أن يعطيه إياها ببلد آخر: لا بأس به إذا كان على وجه المعروف من المقرض والرفق بصاحبه وليس ليضمن له كما يفعل أهل العراق بالسفتجات. وقال مالك إذا كانت المنفعة للمعطي لما يخاف من غرر الطريق لم يجز ذلك. يريد: إذا لم يكن الهلاك وقطع الطريق غالبا، فإن كان ذلك الغالب صارت ضرورة، وأجيزت صيانة للأموال. أبو محمد عبد الوهاب:
وقد قال في كتاب محمد في الكراء المضمون يتأخر النقد: لا أحبه إلا [ ص: 4208 ] أن ينقد الثلثين وما أشبهه، ثم قال: قد اقتطع الأكرياء بأموال الناس، ورخص أن يؤخر الثمن كله، ويقدم الشيء اليسير الدينار ونحوه. وهذا هو الدين بالدين، فأجازه لئلا تهلك أموال الناس. مالك