فصل [في بيع المسلم عبده النصراني البالغ من نصراني]
يجوز واختلف في بيعه من اليهودي، فأجازه للمسلم أن يبيع عبده النصراني -إذا كان بالغا- من نصراني. محمد، ومنعه ابن وهب في المستخرجة، للعداوة التي بينهم. وهو أحسن. ولا يجوز أن يضربهم. واختلف في وسحنون وفي بيع صغار النصارى من النصارى، فقال مالك في المدونة: تمنع النصارى من شراء صغار النصارى، وقال في العتبية: فإن بيعوا منهم فسخ البيع. وقال بيع المجوس والصقالبة والسودان من النصارى، محمد: لا بأس أن يبيع المسلم عبيده النصارى من أهل الكتاب، وإن كانوا صغارا. وقال [ ص: 4309 ] أشهب في كتاب الجهاد من كتاب محمد: وقال مالك- في المدونة في التجار ينزلون بالرقيق من الصقالبة فيشتريهم أهل الإسلام، ثم يبيعونهم مكانهم من أهل الذمة، قال: ما علمته حراما وغيره أحسن منه. وقال- في العتبية في الصقالبة والسودان مثل ذلك: ما علمت حراما، ولا يعجبني، فإن بيعوا منهم فسخ البيع إن كانوا صغارا، وإن كانوا كبارا فلا بأس من بيعهم منهم قال: لأن الصغار يجبرون والكبار لا يجبرون. وقال محمد: فإن فعل بيعوا ما لم يدن بدين.
وأرى أن ينقض البيع، وإن دانوا بدين؛ لأن من هو في يده متعد في شرائه، وفي تعليمه الكفر، ومعلوم إذا صار بعد ذلك إلى مسلم-أسلم، واستنقذ من الكفر، ومحمل قول مالك وابن القاسم في الإجبار أنه بالتهديد والضرب ونحوه من غير قتل، ولو كان ذلك بالقتل ما حل البيع؛ لأن المشتري قد دخل على ما لا يدرى، هل يجبر أو يقتل؟ ولأنه لا يخلو ذلك العبد من أن يكون اشتري من السبي، ليكون قد استحياه الإمام، فلا يجوز قتله بعد ذلك، أو نزل به أحد من أهل الحرب، فباعه من أحد من المسلمين، فكذلك لا يحل قتله، فإن كانت أمة فذلك أبين؛ لأن النساء لا يقتلن إذا لم يسلمن.
وقال فيمن اشترى عبدا مجوسيا من المجوس الذين بالعراق، قد سلموا على مجوسيتهم: فهذا لا يجبر على الإسلام، وإنما يجبر الذي يشترى من السبي. يريد: بغير قتل. [ ص: 4310 ] أصبغ
وقال في العتبية في ابن القاسم- فإن اشتروهم بيعوا عليهم، ما لم يدينوا بدين من ملكهم؛ لأنهم لم يكونوا يجبرون على الإسلام إذا ملكهم المسلمون. وأجازه الروم يقدمون بعبيد من مجوس الصقالبة: يمنعهم الإمام من بيعهم من اليهود والنصارى، صغيرهم وكبيرهم؛ لأنهم يصيرون إلى دين من ملكهم، ابن عبد الحكم في كتاب محمد، وإن كان صغيرا إذا كان بيد حربي، ألا يمنع من بيعه من أهل الكفر. والأول أحسن.