باب في احتكار الطعام وغيره إذا كان يشترى من الأسواق أو يجلب من بلد وهل يباع على أهله في الغلاء؟
غير جائز، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم: الاحتكار إذا كان يضر بالناس إما لحاجة الناس إليه، أو لأن هذا يغلي السعر غلاء يضره فإن كان لا يضر بالناس ولا يغلي سعرا جاز، طعاما كان أو غيره. ومنعه "لا يحتكر إلا خاطئ"، في الطعام والحبوب كلها، والقطنية والعسل والسمن والزيت واللبن والعلوفة، أضر بالناس أو لم يضر والأول أحسن، وفي ابن حبيب مرتفق وقت الشدة، ولولا ذلك لم يجد الناس عيشا حين الشدة، ولو قيل: إن ذلك حينئذ مستحسن لم أعبه، ولا يمنع من يشتري من السوق الأعظم ليبيع بأطراف البلاد، وإن غلا السعر؛ لأن فيه مرتفقا للناس. ادخار الأقوات وقت الرخاء
وقال في كتاب مالك محمد: لم يزل ذلك من أمر الناس، وليس كل الناس يجد ما يشتري به في السوق الأعظم، وقال في الذين يشترون من الطحانين: يمنعون إذا أضر بالناس.
وأرى ألا يمنعوا وإن أضروهم في ذلك، بمنزلة الذين يشترون ليبيعوا في نواحي البلد؛ لأنهم لا يشترون للادخار، وإنما يشترون للناس، وكذلك الذين يشترون ليعملوه خبزا، أو ليبيعوه لا يمنعون وإن أضر، ومن اشترى ذلك ليخرجه إلى بلد آخر، لم يمنع وإن غلا السعر، إذا كان لا يضر بالناس، وإن [ ص: 4340 ] كان يضر منع، إلا أن يكون بالآخرين حاجة، ومن قدم بطعام لم يمنع من ادخاره، إلا أن يكون جهد وشدة فيؤخذ ببيعه. وقال محمد: وإن كان في البلد طعام مخزون، فكان الغلاء واحتيج إليه، فلا بأس أن يأمر الإمام أهله أن يخرجوه إلى السوق فيباع.
وقال فيمن مالك اشترك فيه أهل السوق بالثمن الذي اشتراه به، وإن لم يعلم ثمنه فبسعره يوم اشتراه. وأرى إذا طال أمر ذلك أن يمضى له ولا يرد. [ ص: 4341 ] احتكر في وقت يضر بالناس: