فصل [فيمن نقل المبيع ثم وجد به عيبا]
واختلف إذا فقال نقل المبيع ثم وجد به عيبا، -فيمن اشترى خشبا أو مطاحن، ثم وجد عيبا دلس به البائع، بعد أن بان بها: تنازع أصحابنا فيها، فقال قائلون: على المشتري ردها والكراء على ردها. وقال آخرون: ذلك على البائع؛ لأن ذلك غرور، ولو علم المشتري ما نقلها. محمد بن سحنون
وهو أحسن، وأرى عليه أن يغرم للمشتري ما كان نقلها به حين قبضها إلى أن أوصلها إلى داره.
واختلف أيضا إذا لم يدلس بذلك البيع، فقال ابن حبيب -فيمن نقل ماله حمولة إلى بلد آخر، وإن تكلف رده إلى بلد البائع، جاء عليه غرم كثير في الكراء والمؤنة: يرفع إلى سلطان ذلك البلد، فيسمع من بينته على الشراء، وأنه اشترى على بيع الإسلام وعهدته، يريد في الجارية ثم يأمر من يبيع ذلك على البائع، ويكون له فضله وعليه نقصانه. فعلى هذا يكون على البائع، إذا نقلت [ ص: 4432 ] في البلد نفسه، أن يقبض ذلك بحيث هو، وإن لم يدلس.
وعلى ما ذكره يكون نقله إلى البلد الآخر فوتا، ويرجع المشتري بقيمة العيب، ولا يلزم البائع قبوله في البلد الآخر، وهو أحسن إلا أن يكون المبيع دابة أو عبدا لا يتكلف في رجوعه كراء، والطريق إن رده مأمونة، فلا يكون نقله فوتا. سحنون
ويختلف إذا وجد البائع في البلد الذي نقل إليه ما له حمل، فرضي البائع بقبضه، وقال المشتري: أنا أمسك وأرجع بالعيب؛ لأني غرمت في نقله ثمنا، فعلى قول ذلك للبائع، وروى ابن حبيب أبو قرة عن أنه قال: المشتري بالخيار، إن شاء رد، وإن شاء وضع عنه قدر العيب، وهو أحسن. مالك
وقد اختلف في الغاصب ينقل ما له حمل، هل يكون له مقال لأجل الحمل؟ فالمشتري أحرى أن يكون له ذلك، فلا يلزم تسليم ما له حمل بالبلد الذي نقل إليه، إلا باجتماع منهما؛ لأن للمشتري مقالا لما غرم في نقله، وللبائع مقال فيما يغرم في رده.
وإن كان لا حمل له، كان المقال للبائع إذا كان الطريق غير آمن، فإن كان آمنا فلا مقال لواحد منهما.
وإن كان البائع مدلسا وعالما أن المشتري ينقله ويسافر به، كان للمشتري أن يجبره على قبوله في الموضع الذي نقل إليه، ولا يراعى حمل ولا خوف.
وإن كان مما يكال أو يوزن، كان للمشتري أن يحبس هذا ويغرم المثل معيبا في البلد الذي اشترى به، وله أن يسلمه ها هنا ويجبر البائع على قبوله إن كان مدلسا، وليس ذلك له إن لم يدلس. [ ص: 4433 ]