فصل [في من ابتاع سلعة ثم ظهر منها عيب]
وأما العيب يجده المشتري في السلعة وهي قائمة، فهو بالخيار بين أن [ ص: 4608 ] يمسك ولا شيء له، أو يرد، وليس للبائع أن يحط عنه قيمة العيب ويلزمه إياها; لأن كثيرا من الناس لا يرضى المعيب وإن حط لأجله، بخلاف لأن مقاله لأجل كثرة الثمن، فإذا سقط لم يكن له مقال. الكذب في البيع;
فإن علم بالعيب بعد أن فاتت بنماء أو نقص كان له أن يمسك ويحط عنه قيمة العيب من الثمن وربحه، وهذا قول والقياس أن يكون للبائع والمشتري في ذلك مقال. مالك.
وإن قال: المشتري إنما أغرم قيمتها معيبة; لأنك لو أسقطت عني هذا الخمس مع القياس لم يلزمني، وكذلك إن فاتت وحططت الدينارين، فأنا أرد قيمتها بدلا منها. كان في البيع غش على المشتري اشترى بعشرة ما قيمته ثمانية، والعيب ينقصها الخمس، فأسقط البائع خمس الثمن، وكان الباقي على المشتري ثمانية-
وإن كان الغبن على البائع لصلاح كان في البيع قال البائع: أنا لا أجيز على أن أحط العيب، كما لم يكن ذلك للمشتري علي في القيام، وقد قال مالك في مسألة الكذب: لا يجبر البائع على أن يحطه في الفوت، قال: وليس ظلمه أن يحمل عليه أن يؤخذ بغير ما لم يبع به.
فإن قيل: إن العيب بخلاف الكذب; لأن العيب كجزء ذهب، فكان بمنزلة من اشترى سلعتين فوجد واحدة، قيل: هذا غير صحيح لوجهين:
أحدهما: أنه لو كان ذلك لوجب أن يجبر على رد ما قابل العيب مع القيام. [ ص: 4609 ]
والثاني: أنا نعلم ضرورة أنه ليس كالجزء، ولو كان كذلك لم يرجع في فوت السلعة بشيء; لأنا نجد الثوب يكون طوله ثلاثين ذراعا، وعيبه قدر درهم، فلو نظر قدره من أجزاء الثوب لم يكن له شيء يتحسس إليه.