فصل [فيمن وكل رجلا يجهز إليه المتاع ويبيع ويشتري، فمات بعد أن باع واشترى]
وقال فيمن مالك فذلك جائز على الورثة، وإن كان قد علم بموته لم يجز. وكل رجلا يجهز إليه المتاع ويبيع ويشتري، فباع واشترى بعد موت الآمر ولم يعلم بموته:
وقد اختلف في على ثلاثة أقوال: الوكيل يموت من وكله
فقيل: هو معزول بنفس موت موكله وإن لم يعلم بموته، فإن اشترى أو باع وهو لا يعلم لم يلزم الورثة، وهذا هو الظاهر من المذهب، وقد ذكر ابن المنذر أنه إجماع من أهل العلم.
وقيل: هو على الوكالة حتى يعلم بموته، وهو ظاهر قول في الكتاب. مالك
وقال في كتاب مطرف يجوز قبضه ودفعه وخصومته، وإن [ ص: 4627 ] علم حتى يعزله الورثة. وليس بحسن. ابن حبيب:
واختلف أيضا في عزله عن البيع والشراء، فقال في أشهب قال: البيع جائز ولا سبيل للآمر إلى العبد وإن لم يفت. من وكل رجلا على بيع عبد، ثم عزله قبل البيع، فباع الوكيل وهو لا يعلم
وذكر عن سحنون مثل ذلك. وأنكر قوله في مسألة الاقتضاء، وقال: هو يجيز بيعه إذا لم يعلم بفسخ وكالته فكيف لا يجوز اقتضاؤه؟ ابن القاسم
وفرق بين موت الموكل وعزله، فجعل مالك ولا تقطع إن عزله حتى يعلم الوكيل، وقال في الزوج يموت عن زوجته أو يطلق فتنفق من ماله بعد موته أو طلاقه وهي لا تعلم- فجعل للورثة الرجوع عليها بعد الموت، ولم يجعل للزوج عليها رجوعا في الطلاق. الوكالة ساقطة بنفس الموت،
والذي أختاره أن يكون معزولا بنفس الموت وإن لم يعلم، بخلاف عزله في الحياة; لأن المال في الوفاة لغير من وكل وهم الورثة، ولم يكن منهم إذن ولا وكالة، وفي الحياة المال للموكل، فإذا أذن ثم حجر على الوكيل في وقت يعلم أنه لا يبلغه التحجير إلا بعد امتثال الوكيل- كان التحجير مستحيلا، وهو من تكليف ما لا يطاق.
وكذلك إن حجر عليه وهو معه في البلد، وحجر وأشهد بعزلته ولم يعلمه- فهو ضرب من التعدي على أموال الناس، يأمره بالبيع وأخذ الثمن [ ص: 4628 ] منهم فيه ثم يعزله في وقت يعلم أنه لا تبلغه العزلة إلا بعد البيع وأخذ الثمن.
وذكر عن أبو محمد عبد الوهاب أن ابن القاسم ولم يفرق بين بيع وشراء واقتضاء. فإن كان وكيلا على البيع، وثبت أن البيع للميت كان حكم المبيع حكم المستحق، فإن كان قائما كان الورثة بالخيار بين الإجازة والرد. وإن تغير من غير سبب المشتري أو هلك أو ضاع لم يكن لهم سوى الثمن، وإن كان هلاكه من سببه -لبس فأبلى أو ما أشبهه- كان لهم الأكثر من الثمن أو القيمة. وإن باعه المشتري كانوا بالخيار بين إجازة البيع الأول أو الثاني، أو النقض. تصرف الوكيل بعد الموت مردود.
وإن كان وكيلا على الشراء فاشترى وكان البائع حاضرا، وقد بين المشتري أنه وكيل لفلان، أو ثبت ذلك- كان للورثة رد البيع وانتزاع الثمن منه. وإن غاب البائع وعاد مقالهم مع الوكيل لم يكن لهم عليه مقال سوى أخذ ما اشترى أو الثمن إن باع; لأنه تصرف بوجه شبهة، وعلى هذا يحمل قول في المدونة. ابن القاسم
وإن كان وكيلا على قبض دين فقبضه وضاع منه كانت مصيبته من الطالب أو من الورثة على القول: إنه معزول بنفس الموت أو بنفس العزلة.
وإن كان وكيلا على خصومة فخاصم بعد موت الموكل، حتى أثبت الحق أو انحصر وسقط حكم الدعوى- كان على الخلاف المتقدم، فعلى القول: إنه ليس بمعزول- جرى فعله مجرى ما فعل في الحياة، وعلى القول: إنه معزول- يصح ثبوت الحق قبل المدعى عليه، ولا يصح سقوطه؛ لانحصار الوكيل، [ ص: 4629 ] ولهم أن يستأنفوا الخصومة في ذلك.
وقال تنفسخ الوكالة بموت الآمر، ولا تجوز خصومته إلا أن يموت الآمر عندما أشرف من تمام الخصومة له أو عليه، وبحيث لو أراد الموكل فسخ خصومته لم يكن ذلك له، وما كان من يمين كان يحلفها الآمر يحلفها الورثة. أصبغ:
وهذا قول محمد أن والقول إنه إذا أنشب الخصومة لم يكن له أن يعزله أحسن، وكذلك وكيله. للموكل أن يعزل الوكيل عن الخصومة ما لم يشرف على الحكم،