فصل [في الصلح الجائز والحرام والمكروه]
وقال في من ابن القاسم جاز. وقال في "العتبية": لا خير فيه، وهو ادعى على رجل بمائة دينار فأنكر فصالحه على خمسين إلى أجل: سلف جر منفعة.
وقال فيمن مالك ليس بحسن. قال: أرأيت إن قال: أعطيك عرضا؟! أقام شاهدا بعشرة دنانير، فقال للمدعى عليه اطرح عني اليمين وأؤخرك بها سنة:
قال الشيخ -رحمه الله-: التأخير في الحقيقة سلف جر منفعة، والمنفعة إسقاط [ ص: 4679 ] اليمين، إلا أنه إنما انتفع بأن دفع عن نفسه ظلما; لأن المدعي يقول: دعواي حق، وقد كان عليه أن يعجل الدفع الآن فظلمني بالمطالبة باليمين فافتديت بالصبر من اليمين بحقي، فإنما انتفع بأن رفع ظلما، وذلك جائز.
واختلف في فقال الصلح الحرام والمكروه إذا نزل هل يفسخ أو يمضي؟ في "كتاب مطرف إذا كان الصلح حراما صراحا فسخ أبدا ويرد إن كان قائما أو القيمة إن كان فائتا، وإن كان من الأشياء المكروهة كان ماضيا. وقال ابن حبيب": إن كان حراما فسخ أبدا، وإن كان مكروها فسخ إذا كان بحدثان وقوعه، فإن طال أمره مضى. وقال ابن الماجشون: يجوز حرامه ومكروهه وإن كان بحدثان وقوعه; لأنه لو صالح عن دعوى على شقص لم تكن فيه شفعة، وهذا في الحكم، وأما فيما بينه وبين الله تعالى فلا يجوز أن يأخذ إلا ما يجوز في التبايع. قال: أوتي أصبغ: -رضي الله عنه- بكتاب صلح فقرأه، ثم قال: هذا حرام ولولا أنه صلح لفسخته. علي بن أبي طالب
وأرى إذا قال المدعي: لي عليك عشرة أقفزة قمحا، وقال الآخر: هي [ ص: 4680 ] شعير، فاصطلحا على ثمر أو دنانير إلى أجل، أن يفسخ أبدا لأنهما متقارران على أن الصلح انعقد على فساد. وكذلك إذا فإن ذلك يفسخ أبدا; لأن الصلح فاسد على قول كل واحد منهما بانفراده، فيرجعان إلى الدعوى. قال المدعي: عشرة دنانير عتق. وقال الآخر: هاشمية. أو قال المدعي: عشرة هاشمية. وقال الآخر: دراهم، فاصطلحا على خمسة عتق،
وإن أن يمضي الصلح. وعلى هذا محمل قول قال المدعي: لي عشرة أقفزة قمحا، وقال المدعى عليه: ليس لك عندي شيء، فاصطلحا على ثمر إلى أجل أو دراهم إلى أجل، ولا يفسخ; لأن المدعى عليه يقول: إنما اشتريت يميني بما أعطيتك إلى أجل، وليس لك قبلي شيء. فكيف يفسخ على دعوى من لم يعترف له بشيء؟ وفي ذلك ظلم عليه، فإذا حل الأجل أخذ ذلك من المدعى عليه فاشترى به للطالب الصنف الذي ادعاه، فإن لم يوف لم يكن له غيره، وإن فضل شيء يرد للمدعى عليه. أصبغ،
وكذلك إن ادعى زيتا فصالحه على زيتون إلى أجل، لم يفسخ، فإذا حل الأجل، قبض الزيتون وعصر، فإن وفى وإلا كان النقص ظلما على الطالب، [ ص: 4681 ] وإن فضل شيء رد إلى المطلوب.
وقال فيمن ابن القاسم إنه فاسد. وعلى القول الآخر: يمضي ولا يرد. ادعى حقا فصالح على ثوب على أن يصبغه، أو على عبد يكون فيه بالخيار ثلاثة أيام: