فصل [في الشركة بالبيت والرحى والدابة]
وقال في ابن القاسم قال: يقتسمون ما أصابوا أثلاثا; لأن رؤوس أموالهم عمل أيديهم، فإن كانت أجرة البيت والرحى والدابة معتدلا، لم يكن بينهما تراجع، وإن كان مختلفا، رجع من له الفضل على صاحبه. قال: ولو لم يصيبوا شيئا لترادوا فضل الكراء. [ ص: 4802 ] ثلاثة نفر اشتركوا في الطحين لأحدهم البيت، وللآخر الرحى، وللآخر الدابة،
وقال محمد: يقتسمون على ما أصابوا على قدر كراء ما لكل واحد منهم، فإن فضل بعد ذلك فضل قسم على أجرة كل واحد منهم، فإن فضل بعد ذلك نظر إلى جملة ما اجتمع لكل واحد فيقسم الفضل على قدر ذلك. قال: فإن لم يصيبوا إلا مثل ما يعلفون وينفقون رجع بعضهم على بعض ويخرجون ذلك من أموالهم. وليس هذا بحسن.
وأرى أن يكون رأس المال الرحى والدابة; لأن الإجارة والثمن المأخوذ إنما هو عنهما وليس عن البيت ولا عن عمل اليد، وليس للشركاء في ذلك سوى رباط الدابة والمعونة اللطيفة، ومعلوم أن الأجرة للرحى والدابة والبيت بمنزلة الحانوت، ولا تراجع بينهم في عمل أيديهم؛ لأنهم قد تساووا فيه.
قال وإن كان العامل صاحب الدابة وحده كان له ما أصاب وعليه إجارة البيت والرحى وإن لم يصب شيئا. قال: وهو بمنزلة من دفع دابته أو سفينته على أن له نصف ما يكسب عليها. ابن القاسم:
وليس هذا بالبين، وأرى أن يكون ما أصاب مفضوضا على قدر إجارة الرحى والدابة، فما ناب الرحى من العمل رجع عليه العامل فيه بإجارة المثل; لأن صاحب الرحى لم يبع من العامل منافعها; وإنما قال له: واجرها ولك بعض ما تؤاجرها به، فإنما يؤاجرها على ملك صاحبها ثم يغرمان جميعا إجارة البيت. [ ص: 4803 ]
وكذلك إذا كان العامل صاحب الرحى، فعلى قول ابن القاسم يكون له ما أصاب وعليه إجارة المثل للآخرين. والقياس أن يكون مفضوضا حسب ما تقدم، إلا أن يكون الذي يطحن عليها طعام نفسه وليس يؤاجرها من الناس، فيكون بمنزلة من قال: لك نصف ما تكسب عليها.
وكذلك الدابة، فإن قال: واجرها، وكان يعقد منافعها من الناس، كانت الإجارة التي بيعت به منافعها لصاحبها وللآخر إجارة المثل. وإن قال: اعمل عليها، فكان يحمل عليها تجارته أو ما يحتطبه أو الكلأ أو الماء، كان ما باع به تلك الأشياء للعامل وللآخر إجارة المثل.
وكذلك الرحى والدابة إن دخل على أن يؤاجرها من الناس، كان ما أخذ عنهم لأصحابه وللعامل إجارة مثله، وإن دخل على أن يعمل فيها طعامه، كان ربح ماله له وعليه إجارة المثل.