باب في ضمان الصانع ما لا صنعة له فيه إذا كان المستصنع لا يستغني عنه
وذلك كالكتاب المستنسخ منه، والثوب يطرز على مثله، أو ما يصاغ عليه، وجفن السيف إذا كان متى أسلم إلى الصانع بغير جفن فسد، وظرف القمح والعجين.
واختلف في فقال ضمان الكتاب الذي ينتسخ منه، والدملج الذي يصاغ عليه، والمثال يطرز عليه، الصانع ضامن لذلك. وقال محمد بن المواز: لا ضمان عليه. والأول أحسن; لأن تسليم ذلك إليهم لم يكن على اختيار ولا رضا بأمانتهم، وإنما كان ذلك ضرورة، كما اضطر إلى تسليم ما يصنع له، ولو كان ذلك لا يضمن لم يضمن الصانع إلا لما له صنعة في جميعه: كالنسج، والصبغ، والخياطة إذا كان بقيمته من الأصل، ولا يضمن الشقة إذا أخذها ليطرزها; لأن صناعته في طرف وفي جزء منها يسير، وما سوى ذلك الطرف لا صنعة له فيه، وكذلك الثوب يأخذه ليصلح طوقه أو أسفله، فلما سلموا أنه ضامن لجميع ذلك الثوب لما كانت الضرورة تدعو إليه، وأنه لا يقدر على تسليم الذي يضع الصنعة فيه إلا بتسليم جميعه، وكذلك يضمن ما لا صنعة له فيه من هذه الأشياء للضرورة إلى ذلك. [ ص: 4883 ] سحنون:
وقال يضمن الصيقل السيف دون الجفن إذا لم يستأجر على شيء من إصلاحه، ولا يضمن الظرف الذي يكون فيه القمح والعجين. وهذا خلاف لقوله الأول أنه يضمن المثال، وأن يضمن ذلك أحسن; لأن تسليم ذلك عليه لم يكن على وجه الاختيار. [ ص: 4884 ] محمد بن المواز: