فصل [في تضمين الصناع ما يتلف في أيديهم إلا إذا أقاموا بينة على عدم التفريط]
وقال في "المدونة" في مالك قال: هو ضامن إلا أن تقوم له بينة أنه قرض فأر وأنه لم يفرط. وقال القصار يأتي بالثوب وفيه أثر يزعم أنه قرض فأر، إذا ثبت أنه قرض فأر أو أنه لحس سوس لم يضمن القصار ولا المرتهن. ابن حبيب:
وإن ادعى المالك أنهما ضيعا حلفا; لأن الفأر والسوس غالب، وقول في القصار أنه ضامن حتى يثبت أنه لم يفرط- حسن; لأنه قد علم منهم استعمال المتاع، ويحملون فيه اللحم والسمك وغيره من الطعام مما هو السبب في قرض الفأر. [ ص: 4890 ] مالك
وأما الخياط وما أشبهه، فمحمول على أنه لا سبب له في ذلك الفساد، وأيضا فإنه ليس كل مصنوع يتحفظ به أو يجعل في تابوت أو صندوق، ولا كل مصنوع يخشى عليه من الفأر، فما كان الشأن أنه لا يجعل في غلق ولا يخشى ذلك عليه- فلا شيء على الصانع فيه، ولا يكلف البينة أنه لم يفرط.
وأما السوس فإن كان السبب في ذلك طول مطل الصانع ولم يتفقده بالنفض والنشر- كان مفرطا وضمن، وهو في الرهان أشكل; لأن صاحبه دخل على بقائه إلى مدة يتسوس فيها ولم يلزم المرتهن تفقده.
وقد قال في "الدمياطية" في ابن وهب المرتهن: يضمن الرهن إذا استاس عنده.
في "المدونة" على الصانع في الحريق شيئا إذا ثبت احتراقه أو ثبتت سرقته، وسوى بين الحرق والسرقة. ابن القاسم وقال ولم ير في "كتاب مالك محمد" في الحريق: يضمن وإن رئي ذلك في النار، وكذلك الرهن. قال محمد: ذلك صواب حتى يعلم أن النار ليست من سبب الصانع. فرأى أن النار فاعلة بنفسها فأشبهت الفأر والسوس، ورأى ابن القاسم أن الإنسان سببها وهو موقدها وأن إحراقها يحتمل أن يكون; لأنه تصرف بها فيسقط منها ما، أو لأنه جعلها مجاورة لما أحرقت فترامى إلى غيره، أو لأنه لم يحسن حفظها، وكذلك هو السبب فيه، وهو أشبه من القول الأول. [ ص: 4891 ] مالك