باب في النفقة على اللقيط، وكيف إن اعترفه أبوه بعد الإنفاق عليه
وقال في كتاب الإجارة: مالك وقال النفقة على اللقيط من بيت المال، محمد: نفقته على ملتقطه. وقول أصوب; لأن نفس أخذه لا يوجب عليه شيئا، والملتقط بالخيار: بين أن يمسكه وينفق عليه، أو يمسكه ويطلب النفقة له من بيت المال إن كان بيت مال أو من الناس، أو يرفعه إلى السلطان يرى فيه رأيه ويكون هو المتولي لحفظه، وقد يقول: أخذته لأختبر: هل يعرفه أحد؟ وإلا أرسلته. وقوله في جميع ذلك مقبول. مالك
واختلف فيمن فقال أنفق على صغير على أن يتبعه عندما لم يوجد من ينفق عليه، لا يتبعه بشيء. وقال ابن القاسم: يتبعه. أشهب:
فوجه الأول أن النفقة على الصغير واجبة وعلى الناس مواساته، ثم لا رجوع عليه إذا كبر، وإذا كان ذلك كان رجوع هذا على من كانت تجب عليه نفقته متى قدر عليهم; لأنه حق كان عليهم.
ووجه القول الآخر أن ذلك يؤدي إلى ضياعه وهلاكه; لأنه متى علم هذا أن لا رجوع له - تركه فضاع أو هلك، فكان من حسن النظر أن يجعل له [ ص: 4907 ] الرجوع عليه إذا أنفق.
واختلف فيمن فقال أنفق على صغير وكان قد طرحه أبوه متعمدا وهو موسر، له أن يرجع على الأب بتلك النفقة، وقال ابن القاسم: لا شيء له، يريد: لأنه أنفق على وجه الاحتساب والأجر، وذلك محسوب له لا يزول باعتراف أبيه له، والأول أبين; لأنه يقول: لو علمت أن له من تلزمه نفقته لم أنفق إلا على اتباع بها. أشهب:
وأرى أن يرجع على الأب وإن لم يكن طرحه كالأول; لأنه لو علم أن له أبا وقال: أنا أنفق على أن أرجع على الأب - كان ذلك له، وإذا كان له أن يرجع مع العلم بالأب كان له أن يرجع إذا لم يعلم به; لأنه يقول: لو علمت أن له من تلزمه نفقته إذا أنفقت على الإتباع لم أنفق على وجه الحسبة، ولو تبين أن للصبي مالا كان له أن يرجع في عين ذلك المال، فإن تلف لم يتبعه، وعلى أصل أشهب لا يرجع في ذلك المال بشيء; لأنه أنفق على وجه الحسبة، والأول أبين. [ ص: 4908 ]