باب في من اكترى دابة إلى بلد فأراد أن يصرفها إلى غيره، أو أكراها من غيره أو حبسها بعد انقضاء ما أكراها له
اختلف فيمن اكترى دابة إلى بلد فأحب أن يذهب بها إلى غيره مما لا ضرر عليها فيه، هل يجوز وإن كره صاحبها، أو إنما يجوز إذا رضي، أو لا يجوز وإن رضي؟ فيصح الجبر إذا كان الطريق الثاني كالأول في البعد والسهولة والأمن، وكان المكتري يمضي بها وحده ويعيدها، أو كان صاحبها يمضي معه ليس لحاجة له في البلد الأول.
وإن كان الثاني أبعد، أو أوعر، أو أخوف، أو كان الكراء ليترك الدابة في ذلك البلد ولا تعاد، أو لتعاد وكان صاحبها يخرج معها لأهل له بذلك البلد أو لتجارة- لم يجبر على سيرها إلى غيره.
واختلف بعد هذا إذا رضي فأجازه لأنه عنده كالصنف الواحد، وإنما مقال صاحبها في ذلك من ناحية العيوب. ومنعه غيره لأنه صار لأجل حق المكتري في المنع كالصنفين، ويدخله الدين بالدين. [ ص: 5161 ] ابن القاسم;
وإن استأجرها ليركبها في الحضر فأراد أن يحمل عليها أو يسافر بها، لم يجز عند بخلاف الأول؛ لأن هذين صنفان، ويجوز عند ابن القاسم ومنعه أشهب، فيما كثر، وأجازه فيما قل كاليوم وما أشبهه. سحنون
ويفترق الجواب إذا اكتراها ليطحن عليها حنطة ولا يطحن عليها إلا الحنطة أو لا يطحن إلا هذه الحنطة. فإن استأجرها ليطحن عليها حنطة، جاز أن يطحن غير الحنطة مما لا يضر بها. وإن شرط أن لا يطحن إلا الحنطة جاز أيضا; لأن ذلك مما لا يتعذر وجوده.
ويختلف هل له أن يطحن غيرها مما لا يضر بها؛ لأنه شرط شرطا لا ينفع الوفاء به؟ فإن شرط أن لا يطحن إلا هذه الحنطة كان العقد مختلفا فيه، هل يجوز أو يفسد لأجل التحجير؟ وكذلك إذا اكتراها ليحمل عليها صنفا وأحب أن يحمل غيره، فهو ينقسم على هذه الأوجه الثلاثة. [ ص: 5162 ]