باب فيمن شهد بحق لنفسه ولغيره، والشهود يشهد بعضهم لبعض، ومن شهد على رجل في مال في يديه أنه أقر أنه لفلان
اختلف فيمن فقيل: يبطل جميعها; لأنه إذا اتهم في بعضها رد جميعها. وقيل: يسقط ما يخصه منها، ويمضي ما يخص غيره. وقيل: إن كان الذي يخصه يسيرا مضت له ولغيره، وإن كان له قدر وبال رد جميعها. وقال شهد في وصية لنفسه ولغيره، -في المبسوط-: إذا شهد الموصى له جازت شهادته لغيره، يحلفون معه ويستحقون، وإن شهد معه آخر جازت شهادتهما لأهل الوصايا، وحلف هو مع الشاهد الآخر واستحق، ولم يفرق بين يسير ولا كثير. وذكر مالك عن الشيخ أبو القاسم بن الجلاب في ذلك قولين. مالك
وقال مطرف -في كتاب ابن حبيب-: إن لم يشهد في الوصية إلا رجلان أوصى لهما فيها بشيء وفيها عتق وديون، فإن كان أشهدهما لفظا نسقا أو مفترقا، فشهدا بذلك عند الإمام، أو وضعاها في كتاب ولم يعلم الميت، طرح ما شهدا به لأنفسهما بالغا ما بلغ، وأمضى ما شهدا به لغيرهما، وإن [ ص: 5463 ] أشهدهما في كتاب أوقعا فيه شهادتهما، فشهدا بعد موته، لم تجز إذا كان ما أوصى به لهما له بال. وابن الماجشون
واختلف إذا شهدا بدين ولهما فيه يسير، هل تبطل جميع الشهادة، أو تمضي للأجنبي. فقال -في كتاب محمد-: تمضي. وقال -في المدونة فيمن مالك لم تجز له ولا لغيره. قال في المجموعة: لأن أحدهما لا يأخذ منه شيئا، إلا دخل عليه صاحبه. شهد في ذكر حق له فيه شيء-:
قال: ولو اقتسما قبل الشهادة جازت شهادته. فعلى هذا تجوز شهادته في الوصية لغيره، وإن كثر ما يخصه منها إذا كانت الوصية بمعين، مثل أن يوصي له بعبد ولآخر بثوب أو بدار; لأنه لا يدخل أحدهما على الآخر، وهي كشهادتين فلا ترد شهادته للأجنبي، وإن قال أنا أعلم أن شهادتي فيما تتضمنه لي لا تجوز، وإنما أقصد بأداء الشهادة الأجنبي، وذكرت ما أوصى لي به؛ لأؤدي [ ص: 5464 ] المجلس حسبما كان، ليس لأنها تنفعني، كان ذلك أبين أن لا ترد للأجنبي.
وقول مطرف أنها تجوز فيما لا يخصه، وإن كثر ما وصى له به منها أحسن، إلا أنه لا فرق بين أن يكون ذلك في كتاب، أو لفظ من غير كتاب، وإن كان جميع الوصية بعبد أو دار، رد جميعها؛ لأنه لا يخص الأجنبي شيء إلا دخل عليه الشاهد فيه. وابن الماجشون
وقال يحيى بن سعيد: قال إذا شهد لنفسه ولغيره، ومعه شاهد آخر جازت شهادته له ولغيره. يريد أنه يأخذ ذلك لنفسه بغير يمين، وهذا قول مخالف للأصول، وليس يأخذ أحد لنفسه بشهادته. سحنون:
وقال -في العتبية في رجلين شهدا على وصية، شهد كل واحد لصاحبه-: فإن كانت على كتاب واحد بطلت الشهادة، وإن كانت بغير كتاب جازت، وحلف كل واحد مع شهادة الآخر. وقال أصبغ مطرف - في كتاب ابن حبيب، في وابن الماجشون إن كان ذلك كله على رجل واحد، وفي مجلس واحد، لم تجز الشهادة، وإن كانت شيئا بعد [ ص: 5465 ] شيء جاز جميعها، وإن تقارب ما بين الشهادتين، وإن كان على رجلين مفترقين جاز، كان ذلك في مجلس أو مجلسين. الشهود يشهد بعضهم لبعض-:
وأرى أن يرد جميعها، وسواء كانت على رجل أو رجلين، في مجلس أو مجلسين، لفظا أو بكتاب; لأنهما يتهمان على أن تشهد لي وأشهد لك، إلا أن يطول ما بينهما.