باب في حمالة الجماعة
وإذا اشترى ستة نفر سلعة بستمائة درهم على أن بعضهم حميل عن بعض، فلقي البائع أحد الستة فأخذ منه جميع المال، ثم لقي الغارم أحد الخمسة أخذه بمائة وهي نصيبه من الدين وبقي أربعمائة على أربعة، فيقول: أنا وأنت حميلان بها فيأخذ منه نصفها، وإن لقي الثاني ثالثا أخذه بخمسين وهي التي تنوبه عن نفسه وتبقى له مائة وخمسون عن ثلاثة نفر فيقول له: ساوني فيها فيأخذها بنصفها، فإن لقي الثالث رابعا أخذه بخمسة وعشرين وهي التي تنوبه عن نفسه وتبقى له خمسون عن اثنين فيساويه فيها فيأخذ منه خمسة وعشرين، فإن لقي الرابع خامسا أخذه باثني عشر ونصف وهي التي تنوبه عن نفسه وتبقى اثنا عشر ونصف عن السادس فيأخذ منه ستة وربعا، فإن لقي الخامس السادس أخذه بستة وربع التي أدى عنه، فالسادس ها هنا يؤدي بالدين خاصة دون الحمالة، فإن لقي الأول هذا السادس أخذه بخمسين وهي التي تنوبه؛ لأن الباقي له مائتان عن أربعة، وهذا أحدهم، ويبقى له مائة وخمسون عن ثلاثة يأخذه بنصفها، فإن لقي الأول الثاني لقيه مرة أخرى بعد أن لقي السادس لم يأخذ أحدهما من صاحبه شيئا؛ لأن الثاني أخذ من الثالث مثل ما أخذه الأول من السادس لا فضل بينهما، ولو لقيه قبل أن يلقى السادس لأخذ منه نصف ما أخذ من الثالث وهو اثنان وستون ونصف؛ لأن الثاني أخذ من الثالث مائة [ ص: 5629 ] وخمسة وعشرين، وهذا كلما لقي أحدهم الآخر فإنه يأخذه بما أدى عنه في خاصته من أصل الدين وبما ينوبه من الحمالة إن كانوا حملاء ولم يشتروا، ثم ينظر إلى ما كان من الأداء بالحمالة عن أصحابهم فيرجع بعضهم على بعض بالفضل حتى يستووا.
وإن قال على أن كل اثنين حميلان بجميع المال، فلقي واحدا أخذه بمائة عن نفسه من الدين وبنصف الباقي.
وإن قال على أن كل ثلاثة أخذه بمائة وبثلثي الباقي فإن قال على أن كل أربعة أخذه بمائة وبربع الباقي ثم التراجع بين من غرم وبين من لم يغرم على حسب ما تقدم إذا كان أحدهم حميلا عن الجماعة.
ولو كان الستة حملاء ولم يشتروا فقال على أن كل اثنين فلقي واحدا أخذه بثلاثمائة، فإن قال على أن كل ثلاثة أخذه بمائتين.
ويفترق الجواب أيضا إذا قال على أن أحدهم حميل لجميع المال ولم يقل عن أصحابه، فإن كانوا مشترين كان قوله عن أصحابه وسكوته عن ذلك سواء؛ لأن الحمالة عن أصحابه، فإن لقي واحدا أخذه بجميع المال ثم إن لقي هذا الغارم أحد الخمسة أخذه بمائة ولم يأخذه عن أصحابه بشيء، وإن لم يكونوا مشترين فقال على أن أحدهم حميل بجميع المال كانت حمالة الواحد عن المشتري، فإن غرم جميع الستمائة لم يرجع عن أصحابه إلا أن يقول عن أصحابه. [ ص: 5630 ]
وكذلك إذا قال: أنتم حملاء بهذا المال، فإن كانوا مشترين كان بعضهم حميلا عن بعض وإن لم يكونوا مشترين كان كل واحد منهم حميلا بماله على المشتري حتى يقول وبعضهم حميل عن بعض. وإن قال: أنتم حملاء بهذا المال أخذ به من شئت كان له أن يأخذ أحدهم بجميعه ثم لا رجوع له على أصحابه.
قال لأن الشرط لصاحب الدين. وقال مالك: محمد: له أن يرجع على أصحابه إذا كانوا أربعة كل واحد منهم بربع الحق . والقول الأول أبين، ومحمل قوله أنه يأخذ من شاء منهم عن الغريم حتى يتبين أنه يأخذه بذلك عن أصحابه وإن قال وبعضهم حميل عن بعض كل لمن غرم أن يرجع على أصحابه قولا واحدا، ويعود الجواب في صفة الرجوع إلى ما تقدم إلا أن يكونوا مشترين، فإن قوله عن أصحابه وسكوته عنهم سواء، فإن لقي الذي أخذ منه جميع المال أحد الخمسة الباقين أخذ منه مائة إلا أن يقول وبعضهم حميل عن بعض، ثم قوله أيكم شئت أخذت بحقي محتمل هل له الخيار مع وجود غريمه ويسره أو إذا توجه الطلب بالحمالة وحمله على توجه الطلب بالكفالة أحسن، وإن تحمل ثلاثة بوجه رجل فأتى به أحدهم برئ وحده، وإن كان بعضهم حميلا عن بعض فأتى به أحدهم برئ جميعهم، وللطالب أن يأخذ بإحضاره أيهم شاء.
قال محمد بن عبد الحكم: فإن دفع للمطلوب نفسه برئوا جميعا، وإن قال: أنا أدفع نفسي عن واحد منهم وسماه برئوا جميعا؛ لأنهم أشراك في الحمالة. [ ص: 5631 ]