فصل [في الحمالة بجعل]
فاسدة؛ لأنه يأخذ الجعل فإن كان المتحمل موسرا كان من أكل المال بالباطل، وإن كان معسرا فغرم الحميل كان ربا سلفا بزيادة فقضاؤه عنه سلف والزيادة الجعل المتقدم، وهذا إذا كان الجعل يأخذه الحميل أو غيره. الحمالة بجعل
واختلف فأجاز ذلك أشهب ومنعه إذا كان يصل الجعل أو منفعته إلى الغريم وكانت الحمالة بما يحل يؤخره به إلى أجل وبما لا يحل ليأخذه إذا حل الأجل المتحمل به، ولا يصل إلى الحميل منها شيء، ابن القاسم.
فإن كان الجعل تصل منفعته إلى الحميل رد الجعل قولا واحدا، ويفترق الجواب في ثبوت الحمالة أو سقوطها، وفي صحة البيع وفساده وذلك على ثلاثة أوجه، فتارة تسقط الحمالة ويثبت البيع، وتارة تثبت الحمالة والبيع، والثالث مختلف فيه في الحمالة والبيع جميعا، فإن كان الجعل من البائع جعل لرجل دينارا ليتحمل له بما يبيع به سلعة من فلان كانت الحمالة ساقطة؛ لأن محملها معه محمل البيع لأنها حمالة بعوض، وإذا لم يصح للحميل العوض لم تلزمه الحمالة والبيع صحيح؛ لأن المشتري لا مدخل له فيما فعله البائع مع الحميل. [ ص: 5640 ]
وإن كان الجعل من المشتري قال له: تحمل عني بما أشتري به هذه السلعة ولك دينار، والبائع غير عالم بما فعلاه كان البيع جائزا والحمالة لازمة؛ لأنه غيره حتى أخرج سلعته.
ويختلف إذا علم البائع، فقال في كتاب ابن القاسم محمد: إذا كان ذلك بعلم صاحب الحق سقطت الحمالة . يريد: ويكون بالخيار في سلعته بين أن يجيز البيع فيها بغير حميل أو يردها. وقال محمد: الحمالة لازمة وإن علم، إذا لم يكن لصاحب الحق في ذلك سبب، ويختلف إذا جهلا تحريم ذلك فقال أصبغ في كتاب محمد: لا شيء على الحميل، وعلى قول محمد تلزم الحمالة إلا أن يكون له في ذلك سبب .
ويختلف على هذا فعلى قول إذا باع سلعته من رجل على أن يزن عنه فلان الثمن بجعل جعله له المشتري، لا يجوز للبائع أن يطلب فلانا بالثمن إذا كان عالما؛ لأنه سلف بزيادة، وله أن يرجع في سلعته إذا لم يكن عند المشتري ما يزن عنه، وعلى قول محمد: يمضي البيع ويلزم فلانا الثمن. والأول أحسن. ابن القاسم:
واختلف عن فيمن كان له دين حال فأخره به إلى أجل على أن يتحمل له رجل ويسقط الطالب بعض دينه، فقال مالك مالك وابن القاسم وغيرهم في كتاب وأشهب محمد فيمن لا بأس به؛ [ ص: 5641 ] لأنه قد كان له أن يأخذه بحقه حالا فتأخيره إياه بحميل سلف منه بحميل، قال: واختلفت فيه رواية كان له دين على رجل فقال له رجل: ضع له من بعض دينك الذي لك عليه وأنا أتحمل لك بما بقي إلى أجل آخر: عنه في الجواز والكراهية . وقال أشهب في العتبية: لا يصلح ذلك قال: وهو بمنزلة لو قال: أعطني عشرة دراهم من دينك وأنا حميل لك فتكون الحمالة على هذا القول حراما. والأول أبين. وقال مالك في العتبية: إذا قال خذ هذه العشرة دنانير وأعطني بما لي عليك حميلا أو رهنا فلا بأس به، وعلى أحد قولي مالك: لا يجوز، وإن قال: أنا أتحمل لك على أن تعطي فلانا، لغير الحميل لم يجز، وقال ابن القاسم في كتاب أشهب محمد فيمن فلا بأس به، وقال له على رجل عشرة دنانير إلى أجل فقال له قبل الأجل: هل لك أن أحط عنك دينارين وتعطيني الثمانية رهنا أو حميلا: لا يجوز . ابن القاسم:
قال الشيخ: وإنما منعه لأن الطالب إنما أخذ الحميل الآن خوف أن يعسر الغريم عند الأجل فيصير إلى أن ييسر فإذا أعطاه حميلا إلى الأجل كان قد تعجل دينه قبل الوقت الذي كان يصير إليه لو لم يعطه حميلا فيصير بمنزلة من ابن القاسم؛ [ ص: 5642 ] وضع بعض دينه ليتعجله قبل الأجل.