فصل [فيمن أودع وديعة وقد جحده المودع مثلها، هل يجحده؟]
فمنع ذلك واختلف فيمن أودع وديعة وقد جحده المودع مثلها، هل يجحده؟ في المدونة، وقال مالك ظننته أنه قال ذلك للحديث: ابن القاسم: . [ ص: 6010 ] "أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك"
وروى عنه أنه قال: إذا علم أن على الجاحد دينا إن قيم عليه لم يكن ذلك له في المحاصة، فلا يأخذه، وإن علم أنه لا دين عليه فلا بأس، ورواه ابن وهب ابن نافع وزاد: إذا أمن أن يحلف كاذبا فليأخذ قدر حقه.
وقال محمد بن عبد الحكم: لا بأس أن يأخذ ذلك وإن كان عليه دين ما لم يفلس، وقال محمد بن المواز في كتاب الإقرار الأول: قال: ذلك جائز، قلت: فإن لم أجد الشيء بعينه وظفرت له بغيره من ماله، قال: لو أعلم أنه لا دين عليه يحيط بماله لم أر عليه شيئا . ومن غصب مني شيئا ثم خفي لي أخذه بعينه أكنت آخذه؟
والصواب أن له أن يجحده ما أودعه مكان حقه عليه; لقول الله -عز وجل-: وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به [النحل: 126]; لهند بنت عتبة، وقالت: إنه رجل مسيك، فهل علي جناح أن آخذ من ماله؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف"، وقد قيل في معنى الحديث: ولا تخن من خانك فتأخذ فوق حقك، وإن كان عليه غرماء جاز أن يحبس جميعها إذا كانوا عالمين بفلسه وتركوه يبيع ويشتري ويقضي، أو شكوا في حاله فتركوه، وإن كان ظاهره عندهم اليسر ولو علموا ضربوا على يده - جاز لهذا أن يحبس ما لا يشك أنه يصير له في المحاصة. وإن كانت الوديعة عرضا جاز له أن يبيعها ويحبس الثمن مما له عليه. [ ص: 6011 ] ولقول النبي - صلى الله عليه وسلم -
واختلف هل يجحدها إذا كان يحلفه وفي صفة اليمين؟ فقال إنما يجوز له أن يجحده إذا أمن من أن يحلفه كاذبا. يريد أن المودع يقول له: احلف أني ما أودعتك، وقيل: يحلف ما أودعتني شيئا، ينوي: يلزمني رده، وقيل: ينوي: إلا ولي مثله، أو يحرك به لسانه، وكل ذلك واسع. مالك: