باب فيما يقطع من السارق من يد أو رجل
. واختلف في خمسة مواضع: ومن سرق قطعت يده اليمنى، ثم رجله اليسرى، ثم اليد اليسرى، ثم الرجل اليمنى
أحدها: إذا سرق ولا يمين له; لأنها ذهبت بأمر من الله تعالى، أو قطعت في قصاص.
والثاني: إذا كانت شلاء.
والثالث: إذا ذهب منها أصبعان.
والرابع: إذا قطعت الشمال مع وجود اليمين.
والخامس: إذا سرق بعد قطع جميع أطرافه
فقال في كتاب ابن القاسم محمد: إذا قطعت اليمنى في قصاص أو غيره تقطع اليد اليسرى . وقال تقطع الرجل اليسرى . والأول أبين; لأن القرآن إنما ورد بالبداية باليد، ولأنه القياس أيضا; لأن اليد هي الجانية فكانت عقوبتها قطعها، ولا تقطع الرجل إلا في الموضع الذي وردت فيه [ ص: 6106 ] السنة، وهو أن تكون اليمنى قطعت في سرقة، ولأنه لو كان الأعسر لقطعت اليسرى مع وجود اليمنى; لأنها التي سرقت. أشهب:
واختلف قول إذا كانت اليمنى شلاء، فقال: تقطع اليد اليسرى . مالك
ووقف مرة، وقال تقطع الرجل اليسرى . وهذا اختلاف من قول ابن القاسم: في المسألة الأولى إذا قطعت في قصاص، وقال ابن القاسم تقطع الشلاء. وقال أبو مصعب: في مختصر ما ليس في المختصر: تقطع إن كان ينتفع بها. ويجيء على هذا إذا كان أعسر أن تقطع اليد اليمنى; لأن الأشل انتفاعه باليسرى أكثر، وقول ابن وهب تقطع اليسرى أحسن، وقد تقدم وجه ذلك، وإن ذهبت من يمينه أصبع قطعت، وإن ذهبت ثلاث، لم تقطع . مالك
واختلف إذا ذهب أصبعان، فقال: لا تقطع، وتقطع رجله أو يده اليسرى، وقال في كتاب المدنيين: إن ذهب أكثرها لم تقطع، وإن بقي أكثرها قطعت . فعلى هذا القول إذا بقيت ثلاث أصابع ، تقطع لأنه أكثرها وأن لا تقطع أحسن; لأن اليسير وما يعفى عنه ما كان دون الثلث.
واختلف في الثلث هل هو في حيز الكثير؟ ولا خلاف فيما جاوز الثلث أنه في حيز الكثير وأصبعان أكثر من الثلث. [ ص: 6107 ]
وقال إذا أخطأ الإمام فقطع شماله مع وجود اليمين أجزأ ولم تقطع يمينه ، وقال مالك: لا تجزئه ، وليس خطأ الإمام بالذي يزيل القطع عن العضو الذي أوجبه الله فيه، وتقطع اليمين ويكون عقل الشمال في مال السلطان يختص به إن كان هو الذي أخطأ، أو في مال القاطع دون عاقلته إن كان هو الذي أخطأ. ابن الماجشون:
قال: وإليه رجع قال: وإذا قطعت اليسرى في سرقة ثم سرق ثانية، فعلى قول مالك تقطع رجله اليمنى لتكون من خلاف. ابن القاسم،
وقال ابن نافع: تقطع رجله اليسرى وقد كان قطع اليد اليسرى خطأ فلا تترك الرجل اليسرى على العمد.
وفي كتاب محمد: إذا دلس السارق باليسرى حتى قطعت أجزأه ، وعلى ما عند لا يجزئه، فعلى القول أنه يجزئه تكون ابن حبيب مستحبا، وعلى القول أنه لا تجزئه، هو مستحق وهو أحسن; لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - بدأ باليمنى ومحمل ذلك على وجه البيان لما جاء في القرآن حتى يقوم دليل على خلافه، وقد قال البداية باليمين وغيره إذا ذهبت اليمين بعد السرقة بأمر من الله سبحانه أو بعمد من [ ص: 6108 ] الإنسان أنه لا يقطع منه شيء; لأن القطع كان وجب فيه وقياد قوله: إن الشمال تجزئه يجب ألا يسقط القطع عنه وتقطع شماله أو رجله وكما لو أخطأ الإمام بقطع رجله اليسرى مع وجود اليد اليمنى أنه لا يجزئه وتقطع اليد اليمنى وقال: إذا سرق وقطع يمين رجل أنه يقطع للسرقة ويسقط حق الآخر وإنما يصح هذا على القول أن القطع أولا في اليمين مستحق وعلى القول أنه مستحب تقطع يمينه قصاصا وتقطع شماله أو رجله للسرقة. مالك
وقال فيمن مالك يضرب ويحبس وقال سرق بعد قطع يديه ورجليه يقتل كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أبو مصعب ، وعثمان بن عفان ، وفي وعمر بن عبد العزيز عن النسائي مثل ذلك أنه قتله . [ ص: 6109 ] أبي بكر