فصل [في قذف المسلم البالغ بما كان منه قبل البلوغ أو حال الكفر] 
واختلف فيمن قذف بالغة بما كان منها قبل البلوغ، ومسلمة بما كان منها في حال الكفر   -على ثلاثة أقوال- إذا قال: زنيت وأنت صبية، أو: وأنت نصرانية، أو قال: يا زانية، وقال: أردت أنها فعلت ذلك قبل البلوغ والإسلام -فقال  ابن القاسم  في الكتاب: يحد قائل ذلك لهما، أثبت ما قاله أم لا . وقال  عبد الملك  في كتاب محمد:  إن أثبت ذلك لم يحد، وإن لم يثبت حد . 
وقال  أشهب  مثل ذلك إذا قال لها: يا زانية، وإن قال لها: زنيت وأنت صبية أو نصرانية، فإن كان في غير مشاتمة فلا حد عليه، وإن كان ذلك في مشاتمة حد، إلا أن يأتي على ذلك ببينة . 
وعلى هذا يجري الجواب إذا قال ذلك لرجل، وقال له: زنيت وأنت صبي، أو وأنت نصراني، فحمل  ابن القاسم  قاذفهما على أنه أراد التعريض بزنى كان منهما غير الذي سماه. 
وقول  عبد الملك  أحسن; لأنه أثبت ما رماها به- وفعل ذلك وإن كان في حال الصبا والكفر- لا يخرجهما عن أن يقع على ذلك الفعل اسم الزنى، وأيضا  [ ص: 6240 ] فإن ذلك مما يقع به التعيير، فلم يكن لحمل القاذف على غير ذلك وجه. 
وقد قال  مالك  فيمن قذف صبية قبل البلوغ: إنه يحد ، إلا أن يثبت ذلك، بخلاف الصبي، فإذا أوجب الحد على قاذفهما قبل البلوغ لأجل أنه نسبها إلى ما تلحقها به المعرة كالبالغ، وأسقط الحد عنه إذا أثبت أنها فعلت ذلك- لم يجب عليه حد إذا قذفها به بعد البلوغ، وأثبت ذلك. 
واختلف إذا قال: زنيت وأنت مستكرهة، فقال  ابن القاسم:  لا حد عليه إذا أثبت ذلك . 
وقال محمد   وسحنون:  يحد . وحملا عليه أنه أراد التعريض بما كان منها طوعا; لأن المستكرهة لا ينسب الفعل إليها، فيقال لها: زنيت، وإنما يقال:  [ ص: 6241 ] 
زنى بها. 
والأول أبين; لأن ذلك مما لا تميزه العامة. 
وقال  ابن القاسم  فيمن قال لزوجته: زنيت وأنت صبية أو نصرانية أو مستكرهة: يلاعن; لأنه قاذف أو معرض . 
وعلى قول  عبد الملك   وأشهب  لا لعان عليه إذا أثبت ما رماها به ، فهو أحسن ولم يذكر ابن القاسم كيف صفة لعانه، ويشبه أن يكون لعانه: أن يشهد أربع شهادات بالله أنه لم يرد تعريضا، وأنه لم يرد إلا ما أثبت أنه كان في الصبا أو الكفر; لأنه لا علم عنده من غير ذلك، ثم لا يكون عليها لعان; لأنه لم يثبت أنه كان منها وهي في العصمة، ولا ادعاه. 
ولو قال لمعتقة : زنيت وأنت أمة، أو لعبد: زنيت وأنت عبد، وقال: يا زان، ثم أثبت أنه قد كان ذلك قبل العتق-  لم يحد القاذف، وحد المعتق، وهذا بخلاف قوله: زنيت وأنت نصرانية أو نصراني; لأن هذا زنى يلزم فاعله الحد. 
ويختلف إذا قال لمن يعرض له جنون ثم يفيق: يا زان، أو: زنيت وأنت مجنون،  فعلى قول  ابن القاسم-  يحد قاذفه أثبت ذلك أو لم يثبته. وعلى قول  عبد الملك-  لا حد عليه إذا أثبت ذلك، وعلى قول  أشهب-  لا حد عليه، إذا قال  [ ص: 6242 ] ذلك في غير مشاتمة وإن لم يثبته وإن كان في مشاتمة، إلا أن يثبت ذلك. 
				
						
						
