فصل [فيما يكون له الاستسقاء وأحكامه]
الاستسقاء يكون لأربع:
- للمحل والجدب يحل بالقوم فيستسقوا ليحيا به الزرع أو غيره.
- والثاني: استسقاء القوم عند الحاجة إلى الشرب لشفاههم أو لدوابهم ومواشيهم كالقوم يكونون في سفر في صحراء، أو في سفينة، أو في حضر، وقد أخذوا زرعهم ثم احتاجوا إلى ذلك.
- والثالث: استسقاء من لم يكن في محل، ولا حاجة إلى الشرب، وقد أتاهم من الغيث ما إن اقتصروا عليه كانوا في دون السعة، فلهم أن يستسقوا، ويسألوا الله المزيد من فضله، قال مالك: كل قوم احتاجوا إلى زيادة على ما عندهم فلا بأس أن يستسقوا.
- والرابع: استسقاء من كان في خصب لمن كان في محل وجدب، قاله بعض أهل العلم.
وهذه الأربعة الأقسام في الحكم على ثلاثة أوجه: سنة لا تترك، ومباح، ومندوب إليه.
والقسمان الأولان: سنة لا يسع تركها، وفي مثلها جاء الحديث، قال الاستسقاء سنة. يريد: على من نزل به مثل ذلك; لأن في تمادي المحل [ ص: 619 ] والجدب هلاك النفوس، وفساد الدين، وإضاعة الحريم، فيلجأ إلى الله سبحانه في رفع ذلك. مالك:
والقسم الثالث: مباح; لأن عندهم ما يأمنون عليه هذه الوجوه.
والرابع: مندوب إليه; لقول الله تعالى: وتعاونوا على البر والتقوى [المائدة: 2] ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث الرقية: وقال: "من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل" أخرج هذين الحديثين "دعوة المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة..." البخاري ومسلم.
والاستسقاء يصح لنزول الغيث، ولمد نهر إذا أمسك عن عادته، قال في كتاب أصبغ وقد فعل ذلك عندنا بمصر، واستسقوا خمسة وعشرين يوما متوالية، يستسقون على سنة صلاة الاستسقاء، وحضر ذلك ابن حبيب: ابن القاسم ورجال صالحون فلم ينكروا ذلك. وابن وهب
قال الشيخ: والأصل في قوله -صلى الله عليه وسلم-: تكرار الاستسقاء زاد مسلم: "يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، فيقول: دعوت فلم يستجب لي". "قيل: يا رسول [ ص: 620 ] الله ما الاستعجال؟ قال: يقول: دعوت، وقد دعوت فلم أر يستجاب لي، فيتحسر عند ذلك، ويدع الدعاء".
ويدعى بالاستصحاء، إذا أضر المطر بالناس في زروعهم أو غير ذلك من أملاكهم، وقد تقدم الحديث في مثل ذلك.