فصل [في معنى قوله -عز وجل- : وفي سبيل الله  
وأما قوله -عز وجل- : وفي سبيل الله   [التوبة : 60] . يريد : الغزو ، ويعطى منها الغازي إذا كان غنيا في بلده ، فقيرا بالموضع الذي هو فيه   . 
واختلف إذا كان غنيا بالموضع الذي هو فيه ، فقيل : يعطى لظاهر الحديث :  "لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة : لغاز  . . ." الحديث ، ولأن أخذه في معنى المعاوضة والأجرة إذا كان أوقف نفسه لذلك ، أو هو في حين غزو ، ولأنه يقاتل عن المسلمين ، ولأن في إعطائه ضربا من الاستئلاف لمشقة ما  [ ص: 982 ] يتكلفون من بذل النفوس . 
وقيل : لا يعطى إلا أن يكون هناك فقير . وعلى هذا القول يكون كابن السبيل ، ويعطى الغزاة وإن كانوا أغنياء إذا كانوا في نحر العدو مقيمين بذلك الموضع ، فيستألفون بالعطاء لمقامهم به ، ويصرف منها للغازي بقدر ما يحتاج إليه في غزوه . 
وقال محمد بن عبد الحكم   : يجعل منها نصيب في الحملان ، والسلاح ، ويشترى منها القوس ، والمساحي ، والحبال ، وما يحتاج إليه لحفر الخنادق ، والمنجنيقات للحصون ، وتنشأ منها المراكب للغزو ، وكراء النواتية ، ويعطى منها للجواسيس الذين يأتون بأخبار العدو للمسلمين ، مسلمين كانوا أو نصارى ، ويبنى منها حصن على المسلمين ، ولو حصر قوم من العدو قوما من المسلمين لا قوة لهم بدفعهم ، فصالحوهم على مال ، فلا بأس أن يعطوا من ذلك ، وأرى ذلك كله داخلا في عموم قوله : وفي سبيل الله   [التوبة : 60] . 
				
						
						
