فصل [في خرص العنب والنخل ، وكيف إن نقص أو زاد أو أجيح]  
واختلف إذا خرص الخارص ثم تبين أنه أخطأ ، وأن في ذلك أكثر أو أقل ، هل يكون ذلك كحكم مضى ، أو يرجع فيه إلى ما تبين ؟ فقال  مالك  في المدونة : إذا خرص الخارص أربعة أوسق فجد منه خمسة ، أحب إلي أن يؤدي زكاته ؛ لأن الخراص اليوم لا يصيبون . وقال في كتاب محمد   : فإن وجد نقصانا فلا يعطيهم . فرأى ذلك عليهم ؛ لأنهم يتهمون ، قال : وإذا زاد على ما خرص ، وكان الخارص من أهل الأمانة والبصر ، لم يكن عليه إلا ما خرص . وعلى قوله هذا إذا وجد نقصانا ، وكان الخارص من أهل الأمانة والبصر ، لم يسعه أن يخرج على ما وجد من النقصان ؛ بل يخرج على ما خرص عليه الخارص .  [ ص: 1093 ] 
وقال  أشهب   : إن كان في زمن العدل أخرج على ما خرص عليه زاد أو نقص ، وإن كان في زمن الجور أخرج على ما وجد . وقال ابن نافع   : يؤدي زكاة الزائد خرصه عالم أو غير عالم . وعلى قوله لا يؤدي عن زكاة النقص إذا ثبت ذلك ، وهذا أصوب . والأصل الذي فرضه الله سبحانه : أن يخرج زكاة ما يجد ، وإنما جعل الخرص لئلا يحال بينهم وبين الانتفاع بأموالهم ، وليس يوجب أمرا غير ما كان قبل الخرص . 
فإن سرقت الثمار بعد الخرص أو أجيحت  لم يكن عليه شيء ، وإن أجيح بعضها زكى عن الباقي إن كان فيه خمسة أوسق فأكثر ، فإن كان أقل لم يكن عليه شيء . 
وإن تأخر المصدق عنه فعزل ذلك في الجرين فهلك ، فلا شيء عليه ، وإن أدخله بيته ضمن . وقال  أشهب  في كتاب محمد   : إن كان هو الذي يلي إخراج ذلك للمساكين ، ولم يفرط ، فذلك مجزئ عنه من زكاته . وإن لم يكن هو يلي إخراج ذلك للمساكين لم يجزئه ، ولم يكن عليه فيه ضمان ، وعليه زكاة ما بقي إن بقي ما فيه زكاة . قال محمد   : قول  أشهب  هو الذي نحن عليه ؛ قال : ولكن لو حمل ذلك كله إلى منزله بعد انتظار منه ، حين خاف الضيعة لطول انتظاره ، لم يكن عليه ضمان .  [ ص: 1094 ] 
قال الشيخ - رضي الله عنه - : وكذلك إذا كان الجرين غير مأمون فنقله ولم ينتظر المصدق لم يضمن . والقياس إذا نقله ليوقفه حتى يأتي المصدق أن لا ضمان عليه ، وإن كان الجرين مأمونا ، وإنما ضمنه مالك حماية لئلا تضيع الزكاة بإدخال التأويلات فيها ؛ ولأن كثيرا ممن تجب عليهم غير مأمون .  [ ص: 1095 ] 
				
						
						
