فصل [فيما يفعله من دخل المسجد الحرام  ومسجد النبي   - صلى الله عليه وسلم -] 
ويبتدئ من دخل المسجد الحرام باستلام الركن ، ثم الطواف   . وذلك تحية ذلك المسجد ، ولا يبتدئ بالركوع . ويبتدئ في مسجد النبي   - صلى الله عليه وسلم - بركعتين تحية المسجد  قبل أن يأتي القبر ويسلم ، وهذا قول  مالك  وقال  ابن حبيب   : يقول إذا دخل : بسم الله ، والسلام على رسول الله . يريد : أن يبتدئ بالسلام من موضعه ، ثم يركع . ولو كان دخوله من الباب الذي بناحية القبر ، ومروره عليه فوقف فسلم ، ثم تمادى إلى موضع قريب فصلى فيه- لم يكن ضيقا . ويستلم من الأركان الأسود واليماني ، ولا يستلم اللذين يليان الحجر ؛ لأن البيت لم يتم من هناك على قواعد إبراهيم عليه السلام   . وقد كان  عبد الله بن الزبير   - رضي الله عنه - أعاد ذلك الموضع على قواعد إبراهيم - عليه السلام   - ، واستلمهما ، ثم أزال ذلك  الحجاج  ، وأعاده على ما كان عليه قبل ، فلم يستلما . 
ويستلم الحجر الأسود بالفم  ، فإن لم يستطع لزحام أو غيره فباليد . 
واختلف في تقبيل اليد ، فقال  مالك  في المدونة : لا يقبل . وقال في  [ ص: 1177 ] مختصر ما ليس في المختصر : يقبل . وقال  أشهب   : إن قبل يده فحسن . ويستلم اليماني باليد لا بالفم . واختلف في تقبيل اليد ، فقال في المدونة : لا يقبلها . وقال في كتاب محمد   : يقبل . وهو أحسن في الموضعين جميعا ، لحديث  أبي الطفيل   - رضي الله عنه - ، قال :  "رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يطوف بالبيت راكبا ويستلم الركن بمحجن معه ويقبل المحجن"  . أخرجه  مسلم   . 
وإذا جاز أن يقبل المحجن عند الحاجة لليد جاز أن يقبل اليد التي يجتمع بها . وقال  مالك  في المجموعة : إذا استقبل الركن حمد الله وكبر   . وقال  ابن حبيب  يقول عند استلامه : بسم الله ، والله أكبر ، اللهم إيمانا بك ، وتصديقا لما جاء به محمد نبيك   . 
وأنكر ذلك  مالك  في المدونة ، وقال : يكبر ويمضي . ومن لم يقدر على الاستلام فإنه لا يدع التكبير ، ويستلم في أول شوط ، وليس عليه بعد ذلك في بقية الأشواط شيء ، إلا أن يشاء . وكذلك إذا فرغ من الطواف وأراد الركوع فليس عليه أن يعود إلى الاستلام ، فإن ركع ثم أراد الخروج إلى السعي عاد فاستلم . وإن طاف بعد ذلك تطوعا ابتدأ بالاستلام ، ولا بأس أن يستلم من ليس في طواف . وكره  مالك  أن يضع الخدين على الحجر .  [ ص: 1178 ] 
				
						
						
