فصل [فيمن وطئ أهله في الحج]
محرم ، لقول الله تعالى : الوطء في الحج فلا رفث . . . الآية [البقرة : 197] . ولا يحل لمن أحرم بالحج أهله حتى يقف بعرفة ، ويرمي جمرة العقبة ، ويطوف ويسعى . فإن وطئ قبل عرفة فسد حجه وأبدله . واختلف إذا وطئ بعد الوقوف على أربعة أقوال : فقال في المدونة : إن وطئ بعد الوقوف يوم النحر قبل الرمي والطواف فسد حجه وأبدله . مالك
فإن وطئ يوم النحر بعد أن رمى ، أو طاف للإفاضة ولم يرم ، أو وطئ في اليوم الثاني ولم يرم ولم يطف ، فسد حجه . قال عنه : أنه قال : إن وطئ بعد الوقوف وقبل أن يفعل شيئا لم يفسد . أبو محمد عبد الوهاب
وذكر ابن الجهم عن أبي مصعب عن : أن حجه يفسد إذا وطئ قبل طواف الإفاضة ، وإن كان قد رمى . قال : وهذا أقيس ؛ لقول الله تعالى : مالك
[ ص: 1222 ] فلا رفث ولا فسوق . . . الآية [البقرة : 197] ، وما لم يحصل كمال تحلله فقد أرفث في الحج فيجب فساده ، ولأنها حال ممنوع فيها الوطء لبقاء الإحرام ، فوجب أن يفسد اعتبارا لوقوعه قبل الرمي ، ولأنها حال لو قتل فيها الصيد لوجب فيه الجزاء ، ولأنها عبادة من شرطها الطواف أصلها العمرة ، ولأن الوطء مع بقاء نسك من مناسك الحج يفسد أصله إذا وطئ قبل الوقوف ، ولأن أول الإحرام مرتبط بآخره ، فلما كان الوطء محرما في آخره كما هو محرم في أوله فسد حجه ، فسد أوله بآخره كالصلاة ، والصوم . انتهى قوله .
قال : من وطئ قبل جمرة العقبة فسد حجه ، وإن كان وطؤه بعد الطواف وبعد أن خرجت أيام عبد الملك بن الماجشون منى . واحتج من قال : ألا يفسد إذا وطئ بعد الرمي وقبل الطواف ، قال : لأنه إنما أفسد طوافا في إحرام ، فإذا أحرم بعمرة كان قد وفى به ، وهذا فاسد ؛ لأن العمرة لا تنوب عن الحج ، ولا يستطيع أن يأتي بطواف حج إلا أن يحرم بحج . كما لا يجبر من أكل من جزاء الصيد إلا أن يأتي بجزاء صيد ، ولو ذبح نسكا لا يريد به جزاء صيد فأخرج قدر ذلك من لحمه لم يجزئه .
وقال ابن وهب في كتاب وأشهب محمد : وإن وطئ يوم النحر بعد الإفاضة قبل الرمي أفسد ؛ لأن الإفاضة قبل الرمي لا تجزئ عنه ، فصار بمنزلة من وطئ قبل الرمي والإفاضة . وإن وطئ في العمرة قبل الطواف ، أو قبل أن يركع ، أو قبل السعي أفسد .
واختلف إذا وطئ ولم يبق إلا الحلاق ، فقال مالك : يهدي ويجزئه . وقال في كتاب محمد : أفسد العمرة . والأول أبين ؛ لأنه لم يبق عليه عمل للعمرة . [ ص: 1223 ]
وقد قال : ينحر المعتمر هديه قبل الحلاق ؛ لأنه قد حل .