فصل [في رمي الجمار]
الجمار ثلاثة : الأولى ، وهي تلي مسجد منى ، والوسطى وجمرة العقبة . ، إلا لمن تعجل ، فيرمي يوم النحر جمرة العقبة وحدها ، ويرمي فيما بعد الثلاثة ؛ يبتدئ بالتي تلي مسجد والرمي أربعة أيام : يوم النحر ، وأيام التشريق الثلاثة منى ثم الوسطى ثم العقبة ، كل واحدة بسبع ، فذلك سبعون حصاة .
واختلف فيمن تعجل ، فالظاهر من المذهب أن يسقط اليوم الرابع . وقال : يرميه في الثالث . وأظنه قاسه على رعاة الإبل . ويرمي جمرة العقبة يوم النحر على هيئة ما يأتون عليه من ابن حبيب المزدلفة ، فلا ينزل للرمي من أتى راكبا ، ولا يركب له من أتى ماشيا .
؛ لأن الناس نازلون في منازلهم ، فيمضون للرمي مشاة ولا يركبون ؛ لأنه خارج عما يراد من التواضع لله تعالى . ويرمي الأيام الثلاثة ماشيا
، ويرمي جمرة العقبة يوم النحر من أسفلها لا من فوقها ، وفي الأخيرتين من فوقهما ، فإذا رماهما تقدم أمامهما واستقبل القبلة ، ووقف للدعاء والذكر والحمد والثناء على الله تعالى . وقال والرمي متوال ، يكبر مع كل حصاة ، ويرفع صوته بالتكبير محمد في الوسطى : إذا رمى ينصرف منها ذات الشمال في بطن المسيل فيقف ، ولا وقوف عند جمرة العقبة إذا رميت ، لا في [ ص: 1226 ] أول يوم ولا فيما بعد .
ويجوز ؛ لحديث لرعاة الإبل إذا رموا يوم النحر أن يتأخروا عن رمي الغد - رضي الله عنهما - قال : ابن عمر . أرخص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لرعاة الإبل في البيتوتة عن منى ، يرمون يوم النحر ثم يرمون الغد ، أو من بعد الغد ليومين ، ثم يرمون يوم النفر
قال في الموطأ : يرمون يوم النحر ، فإذا مضى اليوم الذي يليه رموا من الغد لليوم الذي مضى ، ثم يرمون ليومهم . وذلك أنه لا يقضي أحد شيئا حتى يقضي ما يجب عليه . مالك
وقال في مسند : الترمذي . قال مالك : ظننت أنه قال : اليوم الأول ، ثم يرمون يوم النفر . يرمون يوم النحر ، ثم يجمعون رمي يومين بعد يوم ، فيرمونه في أحدهما
وقوله في الموطأ أتى به على وجه الشك أو على وجه التخيير ، فلو كانت الرواية لكانت تعجيلا . ولو كانت من بعد الغد ليومين [ ص: 1227 ] لكانت تأخيرا ، فلما أشكل الأمر في الحديث لقوله : "يرمون الغد ليومين" أمره بالتأخير ؛ ليكون قد أتى به بعد الوجوب . وإن عجل أجزأه ، ولم يكن بمنزلة من لم يرم ؛ لإمكان أن يكون ذلك من لفظ النبي - صلى الله عليه وسلم - فيكون تخييرا . "أو من بعد الغد"