[ ص: 1309 ] 
[باب في تحريم الصيد على المحرم]  
الأصل في ذلك قول الله تعالى : يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم   [المائدة : 95] ، وقوله تعالى : ليبلونكم الله بشيء من الصيد تناله أيديكم ورماحكم ليعلم الله من يخافه بالغيب فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم   [المائدة 94] . أي : يبتلي المحرمين بالصيد ليختبرهم فيعلم من يصبر مخافة منه فلا يعتدي فيصطاده ؛ تقى له ، وقال تعالى : وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما   [المائدة : 96] . 
والمحرم في الصيد على ثمانية أوجه : يحرم عليه ثلاثة ، ويحل له اثنان ، واختلف في ثلاثة . 
فيحرم الاصطياد ، وإن كان الاصطياد على صفة تسلم نفسه وتؤمن حياته . 
ويحرم قتله ، وإن كان ملكا له قبل إحرامه ، أو في ملك غيره ، فإن ذبحه لم يكن ذكيا . وإن يستأنف ملكه من حلال بشراء أو هبة . 
ولا يحرم ملكه إذا كان الملك متقدما له وهو حلال ، إذا كان في بيته ، وليس في يده ولا معه . وقال  مالك   : ليس عليه أن يرسله ؛ لأنه أسيره . واختلف إذا كان معه في رفقة أو في يده ، فقال  مالك   : إن كان يقوده ، أو في قفص أرسله . وقال محمد   : إن كان معه في رفقة ؛ فلا شيء عليه . وفي مختصر  ابن الجلاب   : إن كان معه في رفقة  [ ص: 1310 ] أرسله ، فإن لم يرسله حتى مات في يديه ؛ كان عليه جزاؤه . وقال  أشهب   : إن سافر به فلا شيء عليه . ومن أرسله من يده فعليه قيمته ، وقال محمد   : في قوله إن سافر به فلا شيء عليه ؛ يريد : ويرسله . وظاهر قول  أشهب  خلاف ما ذهب إليه محمد  ، ولو كان عليه أن يرسله ؛ لم يكن على من أرسله من يده قيمة . 
وقال  ابن القاسم  في العتبية فيمن صاد صيدا وهو حلال أو حرام ، فأدخل الحلال صيده الحرم ، أو أحرم وهو معه ، ثم حل أو خرج من الحل ، أو حل الذي صاده ، وهو محرم والصيد معهما ، فأكلاه  ؛ فعليهما جزاؤه . قال : وخالفني  أشهب  ، وقال : لا شيء عليهما . فحكى عن  أشهب  ألا شيء عليه إذا أكل منه بعد أن حل ، وهذا يرد على محمد  أن ليس عليه أن يرسله إلا على وجه الاستحسان . 
فحرم قتل الصيد لقول الله تعالى : لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم   [المائدة : 95] . والاصطياد بقوله تعالى : ليبلونكم الله بشيء من الصيد . . .  الآية [المائدة : 94] ، وحرم استئناف ملكه وإن كان ملكا بحلال لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - للذي أهدى له صيدا فرده عليه :  "إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم"  .  [ ص: 1311 ] 
ولم يحرم ملكه إذا لم يكن معه ؛ لأنه أمر خارج عما ورد فيه القرآن ، فبقي على أصل الملك . وحرم إذا كان في يده لقوله - صلى الله عليه وسلم - في مكة   :  "لا ينفر صيدها"  . فكذلك الصيد مع الحلال في الحرم يكون آمنا ، وإذا لم يجز أن ينفره ؛ لم يجز أن يبقى في يده . 
				
						
						
