واختلف في معنى قول الله تعالى : وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما   [المائدة : 96] فقيل : المراد الصيد نفسه . وقيل : الاصطياد . وكلا القولين يحتمل ؛ لأن الصيد يقع على المصيد ، يقول : هذا صيد ، وأخذت صيدا . وعلى الاصطياد ، يقول : صاد يصيد صيدا ، فهو مصدر صاد . 
وقول  مالك  وأصحابه أن المراد الاصطياد ، وألا شيء عليه إن بقي في ملكه إذا لم يكن في يده معه . 
واختلف فيه عن  الشافعي  فقال مرة : المراد الاصطياد . وقال مرة : الصيد نفسه ، وعليه أن يرسل ما كان في بيته . وحمل الآية على الملك . واحتج من أجاز ملكه بالنكاح لتقدم الإحرام ، فإنه لا يؤمر بالفراق ، ولا يجوز أن يستأنف نكاحا بعد الإحرام . وليس الاحتجاج بالزوجية بالبين ؛ لأنه يجوز أن تكون معه وتضاجعه ، بخلاف الصيد أنه يرسله إن كان معه ، والوجه فيه ما تقدم : أن  [ ص: 1312 ] النهي إنما ورد عن القتل والاصطياد ، وأن يستأنف فيه ملكا وهو معه ؛ لئلا يكون خائفا منه ، وما كان في بيته خارج عن ذلك ، فقد يجوز أن يشتري وهو محرم بمكة  صيدا بمدينة أخرى ، وتقبل هبته . وقول محمد  ألا شيء عليه إن كان معه في رفقة- حسن ، ولا فرق بين ذلك ولا بين أن يكون في داره وهو في تلك المدينة  ولا بين أن يكون معه في رفقة ، بخلاف أن يكون معه خائفا منه ، وقد نهي أن يزيله من الظل ويكون مكانه . 
والسابع اصطياده وقتله للضرورة ، ففيه ثلاثة أقوال : 
فقيل : لا يجوز قتله . وقيل : يجوز ، وعليه الجزاء . وقيل : لا جزاء عليه . 
فقال  مالك  في الموطأ في المحرم يضطر إلى الميتة : يأكلها ، ولا يصيد . قال : لأن الله تعالى لم يرخص في قتل الصيد  في حال من الأحوال ، ورخص في أكل الميتة عند الضرورة   . وهذا يقتضي ألا يأكله وإن لم تكن ميتة ؛ لقوله : لم يرخص فيه في حال من الأحوال ، مثل أحد القولين في المضطر إلى الخمر . 
وقال محمد بن عبد الحكم   : لو نالني ذلك ؛ لأكلت الصيد ، وإن كانت الميتة موجودة . 
وقال  أبو محمد عبد الوهاب  فيمن قتل صيدا لضرورة : عليه جزاؤه . وهذا محتمل أن يمنعه عند الضرورة ، أو يقول : يجوز له ، وعليه جزاؤه . وقال  الأوزاعي   : لا جزاء عليه . وأرى أن يجوز الصيد والقتل عند الضرورة لإحياء  [ ص: 1313 ] نفس ، وليس له ذلك إذا جاع ، ولم يخف على نفسه . 
				
						
						
