فصل في ذبح المحرم للصيد 
لحم الصيد على المحرم على ثلاثة أوجه : 
حرام ، وهو : ما ذبحه المحرم ، أو قتله باصطياد . 
وحلال ، وهو : ما ذبحه الحلال لنفسه ، أو لغيره ممن هو حلال ، فهو حلال للمحرم . وكذلك ما صاده المحرم وذبحه  له قبل أن يحرم ، ثم أحرم من ذبح له فهو ذكي ؛ يجوز أكله للمحرم ، كان من ذبح له أو غيره . 
والثالث : ما صيد للمحرم بعد إحرامه  ، أو صيد قبل وذبح له بعد ، فإن كان صيده أو ذبحه بأمره ؛ لم يحل كله بحال ، وهو غير ذكي ، وعلى الآمر جزاؤه ؛ لأن  [ ص: 1314 ] إراقة دمه كان بأمره . واختلف إذا لم يكن بأمره ، فذهب  عثمان   - رضي الله عنه - إلى أنه ذكي ، ويجوز أكله للحلال ولغير من ذبح له من المحرمين ، وقال لأصحابه : كلوا ، فإنما صيد من أجلي . وقد يكون ذلك منه على وجه الاستحسان في امتناعه ؛ حماية لئلا يتذرع المحرم للاصطياد ؛ لأنه لا يكون ذكيا غير ذكي . 
وقال  مالك  وغيره من أصحابه : ليس بذكي ، ولا يأكله حلال ولا حرام . 
واختلف بعد القول بمنع الأكل منه : إن أكل منه من ذبح من أجله على ثلاثة أقوال : فقيل عليه جزاؤه . وقيل : لا شيء عليه . وقيل : إن علم فعليه الجزاء ، وإلا فلا . 
وإن أكل منه محرم غير من ذبح من أجله  ، وهو لا يعلم ، فلا شيء عليه . 
واختلف إذا علم هل عليه جزاؤه ؟ وألا جزاء في ذلك كله أحسن ؛ لأن الجزاء إنما يتعلق بإتلاف نفس الصيد وإراقة دمه ، وقد كان الاصطياد والذبح ، لم يلزم صائده ولا ذابحه جزاء ، وإن كان ذلك لم يلزم بالأكل . وإن أشرك بالنية فذبح لنفسه وللمحرمين فهو أخف . ويجوز أكله للحلال والحرام ؛ لحديث أبي قتادة  إلا أن يكون ذبحه لنفسه في معنى التبع ، ولولا من معه لم يذبحه .  [ ص: 1315 ] 
				
						
						
