فصل [في العيوب بأجزاء الأضحية وما يعفى عنه]
وأما ما يكون ببعضها كالعور، فإن ذهب الانتفاع بتلك العين أو أكثره لم تجزئ. وإن ذهب أيسر ذلك أجزأت، وكذلك إن ذهب الأكثر من كل عين لم تجزئ، فإن كان يسيرا منهما أجزأت .
وأما ما يكون في الأذن; فالشرقاء والخرقاء والمقابلة والمدابرة والسكاء والصمعاء التي لا أذنين لها. فالشرقاء: المشقوقة الأذن. والخرقاء: المثقوبة. والمقابلة: ما قطع من أذنها من قبل وجهها. والمدابرة: ما قطع من قبل قفاها. والسكاء: الصغيرة الأذنين. قال : ونحن نسميها الصمعاء . ابن القاسم
وقال أهل اللغة: الأصمع: اللاصق الأذنين، وكل منهم فهو متصمع، ومن ذلك اشتقاق الصومعة، وقلب أصمع: ذكي.
وكل هذه العيوب تتقى، ولا تمنع الإجزاء عند البغداديين ، وإن كان له قدر أو ذهبت أذناها جملة; لأنها خارجة عن الأربعة.
وعلى القول الآخر: لا تجزئ إذا ذهبت أذناها أو ذهب منها ما له بال، ويكثر شينها به فما كان دون الثلث فيسير، وما فوق الثلث فكثير. [ ص: 1579 ]
واختلف في الثلث، فقال : هو كثير، كالثلث من الذنب . ابن حبيب
وقال محمد : النصف كثير من غير أن أحد فيه حدا .
قال الشيخ: والشق أيسر في الشين; لأن جميعها موجود، وليس ذلك في الشين كزوال بعضها.
وأرى أن يجزئ، وإن بلغ الشق النصف.
وقد اختلفت الأحاديث في ذلك، فذكر عن النسائي - رضي الله عنه - أنه قال: يا رسول الله، أكره النقص يكون في القرن والأذن، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أبي بردة . "ما كرهته فدعه، ولا تحرمه على غيرك"
وعن - رضي الله عنه -، قال: علي بن أبي طالب . [ ص: 1580 ] أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نستشرف العين والأذن، ولا نضحي بشرقاء ولا خرقاء ولا مقابلة ولا مدابرة
وقد يحمل هذا على ما كثر من ذلك، والأول على ما كان يسيرا.
وأما الفم; فإنها لا تجزئ إذا كانت ذاهبة الأسنان بكسر أو ما أشبه ذلك، قال : ويجزئ إذا كان من إثغار . ابن حبيب
واختلف إذا كان لكبر، فقال في كتاب مالك محمد : تجزئ . وقال : لا تجزئ . والأول أبين. ابن حبيب
واختلف في السن الواحدة، فقال في كتاب مالك محمد : لا بأس بها .
وقال في المبسوط: لا يضحي بها .
ومحمل قوله على الاستحسان; لأنه من العيوب الخفيفة، وقال في البكماء: لا تجزئ.
وقال والنتن في الفم مما يتقى، ابن فارس : الحمر بالحاء غير معجمة: داء يصيب الدابة ينتن به فمها. [ ص: 1581 ]
وأما القرن; فقال محمد : لا بأس أن يضحي بمستأصلة القرنين . وأجاز في المدونة إذا ذهب البعض، وكانت لا تدمي . ولم يراع قدر ما ذهب.
وقال : لا تجوز ابن حبيب وهي المكسورة الخارج والداخل، وإن لم تدم. وإن ذهب الخارج، والداخل صحيح- أجزأت . الأضحية بعضباء،
ولا أرى أن تجزئ إذا ذهب من ذلك ما يكثر له شينها ، وليست كالجماء ; لأن ذلك لا يشينها. وإن ذهب من ذلك ما لا يشينها، وكانت تدمي وتبين مرضها لذلك لم تجزئ. وإن كان المرض الخفيف أجزأت.
وقال : إذا كانت تدمي تجزئ . يريد: إذا كان المرض خفيفا. أشهب
وفي كتاب محمد : إذا يبس ضرعها فلا خير فيها، وإن يبس بعضه فلا بأس .
وقال في كتاب مالك محمد : [ ص: 1582 ] مما لا يجوز في الضحايا; لم تجزئ وذلك جائز في الهدايا . إذا أوجب الأضحية، ثم نزل بها عيب
ففرق بين السؤالين; لأنه مخاطب في الهدايا بأن تقدم الإيجاب فيها بالتقليد والإشعار عند الميقات، فلم يكن مخاطبا بالسلامة من العيوب إلا حينئذ، والضحايا لا تجب إلا بالذبح فليس ما تطوع به من تقدمة الإيجاب في موضع لم يؤمر به فيه مما يسقط ما خوطب أن يأتي به عند الذبح.
تم كتاب الضحايا