فصل [في الحلف على شيء بأسماء مختلفة مما يجوز به اليمين]
ومن فعليه كفارة واحدة; لأنه حالف بذاته، وهي واحدة. وكذلك، إن حلف بصفة مختلفة الألفاظ متفقة المعاني، فقال: وعزة الله وكبريائه. وإن اختلفت معانيها، فقال: وعزة الله وعلمه وكلامه; كان عليه ثلاث كفارات، وإن كان الموصوف بها واحدا. حلف على شيء واحد بأسماء مختلفة المعاني، فقال: والله والرحمن والعزيز والعليم فحنث;
وإن كرر اليمين بصفة واحدة، فقال: وعزة الله، وعزة الله; فكفارتهما [ ص: 1676 ] واحدة، وكذلك إذا حلف بصفة واحدة مختلفة الأسماء، فقال: وعزة الله، وكبرياء الله; فكفارة واحدة، كمن حلف بذاته بأسماء مختلفة.
قال : إنما يجب في العهد والميثاق والكفالة ثلاث كفارات ، إذا أراد الحالف بها ثلاثة أيمان، وإلا فليس عليه إلا كفارة واحدة وقاله أبو بكر الأبهري محمد بن عبد الحكم .
ومحمل قول في المدونة هذه أيمان، أي: إن كل واحدة لها حكم اليمين، أو يرى أنها صفات، ليست صفة واحدة. مالك
وقد تقدم الاختلاف في ذلك، وأنها ليست بيمين في أحد الأقوال. ولم يرد إذا جمع اليمين بها على شيء واحد أن لكل واحدة كفارة.
وقال : إذا مالك عليه عشر كفارات. يريد: لأن الحالف بذلك يريد عشرة أيمان، كمن قال: علي عشرة أيمان، فعليه عشر كفارات، وإن كان المحلوف به شيئا واحدا. قال علي عشر كفالات;
وإن قال: والعزيز وعزة الله; فكفارتان.
والعهد على أربعة أوجه; تلزم الكفارة في وجه، وتسقط في اثنين، واختلف في رابع. فإن قال: علي عهد الله فحنث، كفر; لأنه حالف بصفة. وإن قال: لك علي عهد الله، أو أعطيك عهد الله; فلا كفارة عليه. [ ص: 1677 ]
واختلف إذا قال: أعاهد الله -عز وجل-: فقال : عليه كفارة اليمين . ابن حبيب
وقال : لا كفارة عليه. وهو أحسن; لأنه لم يحلف بالعهد، فيكون قد حلف بصفة. وقوله: أعاهد الله. فالعهد منه، وليس بصفة لله تعالى، ولا أعطي بالله عهدا. فإن عقد أن يفعل طاعة; لزمه الوفاء بها لما عقد على نفسه، وإلا فلا شيء عليه. ابن شعبان
وكذلك، إن قال: أعاهد الله أن لا أفعل كذا وكذا; عليه أن يوفي إذا كان في ترك ذلك الفعل طاعة لله تعالى، وإلا فلا شيء عليه. إلا أن يتعلق بذلك حق لآدمي، فيوفي له بما عقد له.
قال محمد : وقد يكون من النذور والعهد ما لا كفارة فيه، وذلك ما أريد به المعاقدة والمعاهدة، مثل البيعة والحلف .
وقال : إذا قال: أبايع الله; عليه كفارة يمين . وعلى قول ابن حبيب لا كفارة عليه . وإن قال: وعلم الله. أو قال: علم الله ، كفر . وإن [ ص: 1678 ] قال: علم الله، فلا شيء عليه. وإن قال: وأمانة الله وذمة الله، فهي يمين . ابن شعبان
وقال : أيم الله يمين . ابن حبيب
وفي النوادر إذا قال: لعمر الله أو أيم الله: أخاف أن تكون يمينا . فترجح هل هي يمين أم لا؟. لمالك
قال محمد : وقيل في معاذ الله وحاش لله: ليس بيمين .
ورأيت في كتاب آخر أنهما يمين. وقال محمد بن عبد الحكم : إن قال: لا ها الله، هي يمين، كقوله تالله. وإن قال: الله علي راع أو كفيل فحنث; لا أعلم في ذلك كفارة.
واختلف إذا قال: علي أشد ما أخذ أحد على أحد، فقال في العتبية: عليه كفارة يمين . ابن وهب
وقال محمد : يلزمه الطلاق والعتق، وأن يتصدق بثلث ماله، وأن يمشي إلى بيت الله ; فجعل اليمين على ما كانت عليه أول الإسلام، [ ص: 1679 ] فأعظمها اليمين بالله. وقول ابن وهب محمد أبين على ما أحدثه الناس اليوم من الأيمان، مثل أيمان البيعة وغيرها.
وإن قال: علي يمين فحنث; كفر كفارة اليمين بالله تعالى; لأن الأصل في اليمين بالله حتى يريد غيرها.
وقال محمد : إن قال علي ثلاثون يمينا، فلا أرى أن يفعل.
قال: وكأنه يرى عليه إن حنث الأيمان كلها; لأنه لم يصمد إلى شيء بعينه، ولا يدري بأي الأيمان حلف. قال: فلزمه الطلاق والعتق والصدقة والمشي والكفارة، بمنزلة الذي حلف بأشد ما أخذ أحد على أحد.
وحمل قوله إذا قال: ثلاثين يمينا، أنها مختلفة الأجناس.
والقياس أن تحمل على أنها بالله، ولو كان الأمر على ما قاله لوجب مثل ذلك إذا قال: علي يمين; لأنه لم يصمد إلى شيء بعينه، فلا يدري بأي الأيمان حلف.
واختلف إذا قال: أشهد وأقسم بالله. أو لم يقل: بالله.
فقال : إن قال بالله أو أراد ذلك كان كالحلف بالله . ابن القاسم
وقال في السليمانية: اختلف فيمن قال: أشهد بالله وأقسم بالله، هل هي يمين؟ وفي الزاهي: إذا لم يقل بالله، لا شيء عليه. والصواب إذا قال: بالله، أنها يمين. [ ص: 1680 ] سحنون
وإن نوى ذلك، ولم ينطق به; كان كمن اعتقد اليمين، ولم ينطق به; لأن اليمين إنما تنعقد ههنا إذا سمى الله تعالى. وإن قال: أعزم بالله أو عزمت بالله على فعل نفسه، فهي يمين.
قال : وإن قال: أعزم عليك لتفعلن كذا; فلا شيء عليه، وهو بمنزلة من قال: سألتك بالله. وكذلك على قوله لو قال: أعزم عليك بالله أن لا تفعل، ففعل; فلا شيء عليه . ابن القاسم
ولو قال: عزمت عليك بالله; كان يمينا، وعليه الكفارة إذا خالفه، بمنزلة من قال: حلفت عليك بالله. إلا أن يريد بقوله: عزمت، أي: أعزم.