فصل [في استحباب الوليمة قبل البناء]
وتستحب الوليمة لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : لعبد الرحمن بن عوف . "أولم ولو بشاة" واسع، وقد أولم النبي - صلى الله عليه وسلم - على والوليمة قبل البناء، وبعده زينب بعد البناء . وصفية
محمد : قال : وكان مالك يقول: إنما تستحب الوليمة لإثبات النكاح، وإظهاره; لأن الشهود يهلكون . ربيعة
وإتيان الدعوة على ثلاثة أوجه: واجب، ومستحب، ومباح. فإن كان المدعو قريبا أو جارا أو صديقا ومن يعلم أنه يحدث لتأخره عداوة وتقاطع - كان واجبا. وإن كان على غير ذلك، ولم يأت من الناس ما يقع به إشهار النكاح كان مندوبا، وإن كان قد أتى ما وقع به إظهار النكاح كان ما بعد ذلك مباحا. [ ص: 1865 ]
وإن لم يعينه من له الوليمة كان أبين.
قال في "كتاب مالك محمد ": ولا بأس على من دعي على مثل ذلك أن لا يأتيها; لأنه لا يعرفه، ولم يتعمده بنفسه . يريد: لأن يأخذ من لا يعرف لا يقع منه شنآن ولا تقاطع. قال لا بأس أن يقول الرجل للرجل: ادع لي من لقيت : مالك يدعون إليه. قال ويكره لأهل الفضل أن يجيبوا إلى الطعام محمد : يريد في غير العرس .
وأرى إن كان الداعي من أهل الفضل أيضا، كالفقيهين تكون لأحدهما وليمة، والعابدين، والفقيه والعابد; فيستحسن ألا يأتيه، إلا أن يخاف في تخلفه التقاطع والشنآن، فلا يسعه التخلف.
وقال في الحديث: مالك ، وذلك في العرس خاصة; لإفشاء النكاح، فيجيب وإن لم يأكل، ويجيب وإن كان صائما. وأرى إن كان المدعو قريبا أو جارا أو صديقا; فإن العرس وغيره سواء. وإن كان على غير ذلك افترق العرس عن غيره; لما ندب إليه من إعلان العرس ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ومن لم يأت الدعوة فقد عصى الله ورسوله" ثم قال: "شر الطعام طعام الوليمة" . "فمن لم يأت الدعوة [ ص: 1866 ] فقد عصى الله ورسوله"
طعام العرس، وطعام الختان: إعذار. وطعام القادم من سفره: النقيعة. وطعام النفساء: الخرس، وكل طعام صنع لدعوة فهو مأدبة. وأما قوله: إذا أتى وهو مفطر لا يطعم، فالذي في الحديث أن يطعم. قال - صلى الله عليه وسلم -: والوليمة عند العرب: . ولو جعل ذلك على صفة المدعو كان حسنا. فأما الرجل الجليل فلا بأس ألا يطعم; لأن المراد منه أن يتشرف بمجيئه. وإن لم يكن بتلك المنزلة، وكان ممن يرغب في أكله، ويحدث الوحشة في النفوس إن لم يفعل- فاتباع الحديث أولى. "فليأت، فإن كان مفطرا، فليطعم، وإن كان صائما فليصل"