باب الشروط في النكاح وما يكره منها
الشروط في النكاح على أربعة أوجه: جائز، ومكروه، وفاسد، ومختلف فيه.
فالأول: أن فكل ذلك جائز وداخل في قوله -عز وجل-: تشترط ألا يضر بها في نفسها ولا في نفقة، ولا كسوة، ولا عشرة، وعاشروهن بالمعروف [النساء: 19] ، وقوله: فإمساك بمعروف [البقرة: 229].
والثاني: أن أن لا يخرجها من بلدها ، ولا يتزوج عليها، ولا يتسرى، ولا يذكر في ذلك عتقا ولا طلاقا - فهذا مكروه; لأن فيه ضربا من التحجير عليه، فإن نزل ذلك - جاز النكاح. تشترط أن يسقط ما تقتضيه له حقوق الزوجية:
اختلف في الوفاء بالشرط; فقال : الشرط باطل; وله أن يخرجها، ويتزوج ويتسرى عليها. ويستحب أن يفي بذلك من غير شرط. وقال مالك في كتاب ابن شهاب محمد ذلك واجب، وإن لم يكن فيه عهد ، قال: وكان من أدركته من العلماء يقضون بذلك، ويوجبون كل شرط كان عند النكاح لم يحرم، ويقضون به. وهو أحسن; لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: أخرجه "إن أحق الشروط أن يوفى بها ما استحللتم به الفروج" البخاري . [ ص: 1869 ] ومسلم
والثالث: أن أو السرية عتيقة، أو أمري بيدي، أو أمر التي تتزوج، أو تتسرى عتقها بيدي; فهذا شرط لازم، فيقع الطلاق، والعتق، ويلزم التمليك، وهذا في كل شرط علق به الطلاق أو التمليك، وكان ذلك الشرط بيد الزوج: إن شاء فعل وإن شاء ترك. تشترط طلاقا أو عتقا، أو تمليكا فتقول: إن تزوجت علي أو تسررت علي فأنا طالق، أو تلك طالق،
واختلف في جواز ذلك الشرط ابتداء فقال في هذا الأصل: لا يحل الشرط ابتداء، فإن وقع جاز النكاح ولزم الشرط، وقال مالك في "كتاب ابن القاسم محمد " فيمن تزوج امرأة على أنه إن ضربها، أو شرب خمرا، أو غاب عنها- فأمرها بيدها; فذلك يكره أن يعقد عليه، فإن وقع الدخول رأيته جائزا. وأجازه ابتداء وزوج غلامه أمته على ألا يسرق زيتونة فإن فعل فأمر امرأته بيده. قال سحنون وكذلك إن شرط إن أبق فأمر زوجته بيده، فذلك لازم. قال: وكل ما وقع به التمليك أبدا من شيء فعله بيد الزوج إن شاء فعله وإن شاء لم يفعله، فذلك ثابت. عبد الملك:
والرابع: أن فذلك فاسد. يكون الشرط لا سبب للزوج فيه، مثل أن يقول السيد: إن بعتك أو بعتها
واختلف إذا نزل فقال يمضي النكاح; دخل أو لم يدخل، والشرط والتمليك ساقط. وقال عبد الملك: محمد : كل ما كان فعله بغير يد الزوج فهو كالمتعة; يفسخ قبل وبعد. وروى علي بن زياد عن في مثل هذا: أن النكاح [ ص: 1870 ] ماض والشرط لازم، فإن أسقطه مشترطه، وإلا فرق بينهما قبل وبعد. مالك
والخامس: أن يكون سببه من الزوج، وتشترط الزوجة أنها مصدقة إن فعل ذلك، فقال في "كتاب مالك محمد ": فيمن قال: فلا يحل أن ينكح عليه، فإن وقع النكاح رأيته جائزا. قال زوج أجيره جاريته على أنه إن رأى منه أمرا يكرهه، فأمرها بيدها. محمد: ولا أفسخه، وهو مثل التي تشترط إن هو ضربها أو شرب خمرا، أو غاب عنها، فأمرها بيدها; فذلك يكره أن يعقد، فإن دخل رأيته جائزا، قال: وإن شرطت إن جاءت وبها آثار ضرب، فادعت أنه منه ، فهي مصدقة، وأمرها بيد سيدها، فإن جاءت وبها آثار ذلك، فزعمت أنه فعله بها. قال : الطلاق لازم، ولا قول له إن زعم أنها كاذبة . مالك
قال الشيخ - رضي الله عنه -: السؤالان مفترقان; لأنها إن شرطت إن ضربها كان الأمر بيدها، ولا تصدق عليه، وإن شرطت أنها مصدقة كان قد دخل على غرر في بقاء العصمة، فقد تكرهه فتدعي عليه ما لم يفعله، إلا أنه إن فات بالدخول صدقت; لأنه جعل ذلك إليها فلا يسقط قولها بالشك، ولا ترد في العصمة بالشك إن اختارت الطلاق.
والسادس: أن أو على أن أمرها بيدها. فهذه شروط لا يصح الوفاء بها. يتزوجها على ألا يأتيها إلا نهارا، أو على أن يؤثرها على غيرها، أو على ألا يعطيها الولد، أو لا نفقة لها أو لا ميراث بينهما،
واختلف في النكاح، فقيل: يفسخ قبل وبعد. وقيل: يفسخ قبل ويثبت بعد، ويمضي على سنة النكاح، ويسقط الشرط. وقال علي بن زياد عن [ ص: 1871 ] : إن تزوجت على ألا ميراث لها ، أو لا يعطيها الولد، أو على أن أمرها بيدها، فعلم بذلك قبل الدخول أو بعده - قيل للمرأة: أمرك بيدك الآن. فإن اختارت فراقه كان ذلك لها، وإن لم تختر فلا شيء لها، ويقيمان على نكاحهما. مالك
وإن مسها بعد أن جعل الأمر إليها فلا خيار لها، وهذا هو أحد الأقوال في الشروط الفاسدة أن مشترطها بالخيار بين أن يسقطها فيمضي البيع ، أو يتمسك به فيفسخ.