باب في نكاح الأمة وما يمنع منه
جائز ومختلف فيه، والجائز على ثلاثة أوجه: نكاح الأمة المسلمة
أحدها: نكاح الحر كل أمة يكون ولدها من ذلك النكاح حرا، مثل نكاح أمة الأب أو الأم أو الأجداد والجدات كانوا من قبل الأب أو الأم.
وأجاز أن يتزوج الأب أمة الابن. فعلى قوله يجوز نكاحها على الإطلاق ومن غير شرط; لأن الولد معتق على أبيه ، ويجوز نكاح الجد أمة ابن الابن من غير شرط، وكل هذا إذا كان المالك لها حرا. وإن كان أحد ممن ذكر عبدا، أو المتزوج حرا - لم يجز; لأن ولده عبد للسيد الأعلى. عبد الله بن عبد الحكم
والثاني: نكاح من لا يخشى منه حمل، كالحصور والخصي والمجبوب والشيخ الفاني.
والثالث: فهو جائز على الإطلاق، وإن لم يخش عنتا. نكاح العبد;
واختلف عن ، مالك في وابن القاسم يكون ولده منها رقيقا، فمنع ذلك مرة، إلا بوجود شرطين: عدم الطول لحرة، وخشيان العنت إن لم يتزوج لقول الله -عز وجل-: نكاح الحر الأمة; ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات. . الآية . وأجازه مرة من غير شرط لقوله سبحانه: وأنكحوا الأيامى [ ص: 1879 ] منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم . وأكثر قول المنع . مالك الإجازة . والأول أحسن; لأن إباحة نكاح الأمة ورد على شرطين فلا يجوز مع عدمهما، وأيضا فإن المفهوم من القرآن أن المناكح ليست على الإباحة في الجملة; لأن الله سبحانه جعل للمشركة حكما، وللنصرانية الحرة حكما، وللأمة حكما وشرط في الأمة ما تقدم; فعلم أنها إنما تتأول على الوجه الذي أباحه، والنظر يوجب -لو لم يرد النص- ألا يتزوج الأمة إلا عند الضرورة; لأن نكاحها يتضمن وجهين: إرقاق الولد، وعدم حفظ النسب; لأن الرجل يتزوج الأمة، وتبقى عند سيدها، وقد يكون غير مأمون. وقد عهدت ذلك منه، فلا يدري الزوج ما يلحق به النسب مما علم من قلة صيانتهن. وابن القاسم
وأما آية النور فإن محملها على الندب للسيد أن يزوج عبده الصالح وأمته الصالحة; لأن كل واحد منهما لا يقدر على شيء وقد جبلا من ذلك على ما [ ص: 1880 ] جبل عليه الأحرار، فتزويجهم معونة على صلاحهم. وأما من يتزوج هذه الأمة وهذا العبد فشيء آخر خارج عن المقصود بالآية، فلم تتضمن الآية أن يتزوجها حر، كما لم تتضمن أن يتزوج العبد حرة.
واختلف بعد القول بالمنع في أربع مسائل:
أحدها: إذا وجد طولا لما يتزوج به حرة دون النفقة عليها.
والثانية: إذا خشي العنت في أمة بعينها.
والثالثة: إذا كانت تحته حرة هل يكون كالطول يمنع من تزويج أمة؟
والرابعة: إذا تزوج أمة بوجه جائز، ثم وجد طولا، أو تزوج حرة، هل يفارق الأمة؟ فقال في "كتاب مالك محمد ": إن وجد صداقا لحرة، ولم يقدر على نفقتها; لم يتزوج أمة. وقال في "كتاب أصبغ ": يتزوجها; لأن نفقتها على أهلها إذا لم يضمها إليه . وهو أبين; لأن القدرة على الصداق دون النفقة لا تفيده; لأن من حق الزوجة الحرة أن تقوم بالطلاق إذا لم تعلم أنه عاجز عن النفقة، إلا أن يجد من تتزوجه بعد علمها بذلك فيمنع من نكاح الأمة; لأنه لا قيام للحرة، إذا دخلت على علم بذلك، ومنعه في "كتاب ابن حبيب محمد " إذا خشي العنت في أمة بعينها، وأجازه في "كتاب ". [ ص: 1881 ] ابن حبيب
وأرى إن كان خلوا من النساء أن يتزوج حرة، فقد يذهب التزويج ما في نفسه. وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: أخرجه "المرأة تقبل في صورة شيطان، وتدبر في صورة شيطان، فإذا أبصر أحدكم امرأة فأعجبته، فليأت أهله فإن ذلك يرد ما في نفسه" . فإن لم يذهبه إلا التزويج تزوجها. وإن علقها وهو ذو زوجة، فإن علم من نفسه أن الزوجة لم تكفه أمر بتزويج أخرى، وإن كانت غير كافية له تزوجها. مسلم
واختلف قول في الحرة تكون عند رجل هل تكون طولا يمنعه من تزويج الأمة وإن خشي العنت؟ فلم يره في "المدونة" طولا، وأجاز له أن يتزوج الأمة، وقال في "كتاب مالك محمد ": لا يتزوجها، وهو الظاهر من القرآن أنه منع تزويج الأمة مع القدرة على الحرة، فإذا تقدمت القدرة عليها، وكان تزوجها - منع من الأمة.
والإجازة أبين; لأن الوجه في الإباحة أن يخشى العنت ، فلا فرق بين الأولى، والثانية إذا وجدت العلة التي لأجلها كانت الإباحة. [ ص: 1882 ]