وأما فإنما هو مثول بالشخص والقلب بين يدي الله عز وجل فليكن رأسك الذي هو أرفع أعضائك مطرقا مطأطئا متنكسا وليكن وضع الرأس عن ارتفاعه تنبيها على إلزام القلب التواضع والتذلل والتبري عن الترؤس والتكبر وليكن على ذكرك ههنا خطر القيام بين يدي الله عز وجل في هول المطلع عند العرض للسؤال . الاعتدال قائما
واعلم في الحال أنك قائم بين يدي الله عز وجل وهو مطلع عليك فقم بين يديه قيامك بين يدي بعض ملوك الزمان إن كنت تعجز عن معرفة كنه جلاله بل قدر في دوام قيامك في صلاتك أنك ملحوظ ومرقوب بعين كالئة من رجل صالح من أهلك أو ممن ترغب في أن يعرفك بالصلاح فإنه تهدأ عند ذلك أطرافك وتخشع جوارحك ، وتسكن جميع أجزائك خيفة أن ينسبك ذلك العاجز المسكين إلى قلة الخشوع .
وإذا أحسست من نفسك بالتماسك عند ملاحظة عبد مسكين فعاتب نفسك وقل لها : إنك تدعين معرفة الله وحبه ، أفلا تستحين من استجرائك عليه مع توقيرك عبدا من عباده أوتخشين الناس ولا تخشينه وهو أحق أن يخشى ولذلك لما قال كيف الحياء من الله فقال صلى الله عليه وسلم : أبو هريرة تستحي منه كما تستحي من الرجل الصالح من قومك وروي من أهلك .