فإن قلت : كم من طالب رديء الأخلاق حصل العلوم فهيهات ما أبعده عن في الآخرة الجالب للسعادة فإن من أوائل ذلك العلم أن يظهر له أن المعاصي سموم قاتلة مهلكة وهل رأيت من يتناول سما مع علمه بكونه سما قاتلا إنما الذي تسمعه من المترسمين حديث يلقفونه بألسنتهم مرة ويرددونه بقلوبهم أخرى وليس ذلك من العلم في شيء . العلم الحقيقي النافع
قال ليس العلم بكثرة الرواية إنما ، العلم نور يقذف في القلب . ابن مسعود رضي الله عنه
وقال بعضهم : إنما لقوله ، تعالى : العلم الخشية إنما يخشى الله من عباده العلماء وكأنه أشار إلى أخص ثمرات العلم .
ولذلك قال بعض المحققين معنى قولهم تعلمنا العلم لغير الله فأبى العلم أن يكون إلا لله أن : العلم أبى وامتنع علينا فلم تنكشف لنا حقيقته وإنما حصل لنا حديثه وألفاظه .
فإن قلت : أرى جماعة من العلماء والفقهاء المحققين برزوا في الفروع والأصول وعدوا من جملة الفحول وأخلاقهم ذميمة لم يتطهروا منها فيقال إذا عرفت مراتب العلوم وعرفت علم الآخرة استبان لك أن ما اشتغلوا به قليل الغناء من حيث كونه علما وإنما غناؤه من حيث كونه عملا لله تعالى إذا قصد به التقرب إلى الله تعالى وقد سبقت إلى هذا إشارة .
وسيأتيك فيه مزيد بيان وإيضاح إن شاء الله تعالى .